أطفالنا الإلكترونيون
في محنة الكتابة للأطفال اليوم؛ ينسى الكثير من الكتّاب أن الدهر أكل وشرب على قصص كانت ذات حين بعيد مثار إعجاب.. ولاسيما تلك التي تتحدث عن شخصيات تاريخية.. تلك القصص التي غالباً ما تُقدم بأسلوبٍ جاف بعيداً عن السلاسة والتبسيط والحبكة القصصية الملائمة لطفلٍ ينتمي إلى العالم الجديد في الألفية الثالثة، ناهيك بالترجمات البائسة لحكايات مثل: سندريلا والذئب، وبياض الثلج، والجميلة والوحش، وأليس في بلاد العجائب، التي يمكن التمتع بمطالعتها بلغة أجنبية بطباعة أنيقة وألوان زاهية تقتحم عين الطفل وتحرك مخيلته، وتنمّي ذوقه الفني..
فحتى اليوم وحين تتجول في الأجنحة المخصصة لكتب الأطفال في المعارض والمكتبات، تستنتج أن أجيالاً تنشأ مبتورة القدرة في غير الكتاب المدرسي، وأغلبية المعروضات في خانة الأدب الطفولي لمعظم دور النشر تسهم في إبعاد الأطفال عن التعرف إلى متعة المطالعة وسط مغريات تقنية وبصرية تسلب الاهتمام، وبين أطنان الورق المطبوعة بالعربية والمخصصة للأطفال يصعب العثور على كتّاب يُثير فضولهم.. هكذا وكأن المؤلفين ولدوا ناضجين، ولم يعرفوا الطفولة قط، ولم يتوغلوا في حكاياتها وسحرها..
ما يُصدر اليوم على أنه كتابة موجهة للطفل؛ تفتقر في أحيان كثيرة إلى المغريات الطفلية من الورق المحترم، وتشكو الطباعة الرديئة المتخمة بالأخطاء المطبعية واللغوية، وهي ذات ألوان لا تنسجم مع الكلام، والحكاية، بحيث يسهل على الطفل التوغل في متون الحكايات كحلمٍ يوقظ المخيلة ويحول العلاقة بينه وبين الكتاب متعة بعيدة عن الواجب المدرسي..
معضلة كتب الأطفال اليوم أنها لا تعترف إن الطفل غالباً ما تجاوز الكاتب نفسه، وهو «المتعمشق» بـ«موبايل» والدته أو والده، ويفتح “اليوتيوب” ويُتابع ما يرغبه من مقاطع، وصور وألوان، ويرسل على “الماسنجر” الرسائل لخالاته وعمّاته، وهو لم يتجاوز السنتين بعد!! وكأنه ينبغي للطفل أن يبقى أسير الانصياع الأعمى لسطوة الواجب والأعراف والتقاليد التي تُبقي على “اللونين” الشرير والطيب..
ثم لننتبه إلى ما يُنجزه الأطفال اليوم من إبداعات، وفي مختلف مناحي الإبداع.. نتاجات تقول لهؤلاء الذين يُصنفون أنفسهم كتّاباً للأطفال، أو رسامين لهم، وغير ذلك: توقفوا.. نحن – الأطفال – نستطيع أن نقدم نتاجنا الإبداعي بأنفسنا؛ فاستريحوا!! وللحديث بقية..
هامش:
في
خطوط راحة كفي؛
تتلوين كساقيةٍ،
محفورةٍ بين
خط الحبِّ،
و.. خط الحياة..