كنز ثمين..؟!

تتردد على مسامعنا في هذه الأيام “العجاف” أحاديث مقلقة عن نية بعض المنشآت “الإغلاق” بعد ما وضع أصحابها “ما فوقهم وتحتهم” كما يقال لترميمها وإعادتها إلى دائرة الإنتاج، فالظروف القاهرة وما رافقها من انعدام كامل لخدمات العمل الأساسية وتحديداً الكهرباء أجبرتهم على التفكير بهذه الخطوة “المضرة” اقتصادياً مع استمرار محاولات مقاومة ضغوط الإنتاج رغم كل الصعاب، لكن الإشكال الفعلي هو صم الأذان عن هذا الواقع، الذي يعلو صراخ أصحابه بلا استجابة أو معالجة لمشاكل القطاع الصناعي المعول عليه في إخراجنا من الضائقة الاقتصادية.

مدينة حلب، أم صناعتنا وفخرها، تتصدر للأسف هذه الأنباء غير المبشرة، مع أن صناعييها أثبتوا مقدرة عجيبة على تفادي الصدمات وأصروا على الاستمرار في الإنتاج في عز أوقات الحرب ضراوة، الأمر الذي يتطلب دعماً عاجلاً لإنقاذ العاصمة الاقتصادية من واقعها الحالي، الذي لا يسر سوى تجار الحروب والفاسدين والدولة العدوة تركيا، التي استغلت ظروف الإنتاج الصعبة والحصار الاقتصادي ولعبت لعبتها بسحب البساط من تحت المنتج المحلي وأخرجته من دائرة المنافسة خارجياً وخاصة بعد استقطاب بعض الخبرات الصناعية، التي هاجرت تحت ظروف قاهرة وأسست معامل تصنع منتجات منافسة وتصدرها إلى أسواق أخرى كانت من نصيب منتجاتنا المحلية، التي يزاحمها في عقر داره مهربة بـ”توقيع تركي”، مستغلين الفارغ الذي أحدثه غياب المنتجات المصنعة في معامل حلب بكميات كبيرة.
عودة حلب إلى مركزها الصناعي والتجاري وقطع الكرت الأحمر بوجه المنتجات التركية المهربة
يوجب التعامل مع حالها كعاصمة اقتصادية وليس مركزاً مالياً لجني الضرائب فقط، وخاصة بعد ما أكلت الحرب أرزاق أهل حلب وأموالهم، لكن لا يزالون يمتلكون كنزاً ثميناً يتجلى بخبراتهم الصناعية، التي أوصلت منتجاتنا إلى العالمية وأحييت اقتصادات دول عديدة كمصر بعد تقديم التسهيلات والمحفزات، بالتالي ما تحتاجه حلب ليس اجتماعات وجولات متكررة لم ولن تسفر عن نتائج مرضية حتى الآن، فالوجع بات معروفاً والحل واضح وضوح الشمس، وجل ما يلزم لتنشيط صناعتها تقديم خدمات الإنتاج الأساسية مع حزمة تسهيلات وإعفاءات لحين إقلاع المعامل والورشات بطاقات إنتاجية كبيرة، وهذا أضعف الإيمان، فمن حق حلب التي تعرضت لأقسى الظروف والحروب إعطاؤها جرعة الدعم اللازمة حتى تقدر على إنقاذ اقتصادنا ومعيشتنا المتأزمة، فحلب إذا كانت بخير كان الجميع بخير، وهذه حقيقة معروفة لكن هناك من يشيح النظر عنها خدمة لقلة قليلة بينما الخسائر اليوم تطول الصغير والكبير.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار