يمتلك صديقي أبو عبدو مسطرة سحرية، ليست كتلك التي كنا نفرح بها صغاراً ونُحرِّكها بزاوية محددة فتتغير عليها الصور، وإنما سحرية في استخداماتها الخارقة للطبيعة، فإن سألته عن نوعية البرتقال الذي يبيعه البقّال، فإنه يستخدم مسطرته شارحاً لك مقدار الاستواء، وهل هو حامض أم حلو، وما سماكة القشرة الخارجية، ودور لونها في تحديد مذاقها، حتى إنه قادر على تحديد إن كان ذاك البرتقال يحتوي على بذور أم لا. ؟
وإذا كنت بحاجة إلى رأي بنوعية التربة من أجل زراعتها بمحصولٍ ما، فإن تلك المسطرة قادرة على تحديد غنى التربة بالأملاح المعدنية، وما حاجتها الفعلية للأسمدة، وبحركة بسيطة من أداته السحرية يستطيع إخبارك إن كان بإمكانك حفر بئر في تلك الأرض, وما العمق المطلوب للبئر وكم متراً مكعباً تحوي من الماء…
والغريب أيضاً أن أبا عبدو يستطيع بوساطة مسطرته أن يحدد التوافق الاجتماعي والنفسي بينك وبين شريكة المستقبل، وأن ينصحك باستمرار العلاقة من عدمها، وما أبرز الطرق للمحافظة على هناء تلك الشراكة الاجتماعية وعدم تعكير صفوها، مُبرِّراً ذلك بما لا يدع لك مجالاً للشك في وصاياه ونصائحه.
وغير ذلك فإن مسطرته تُنبئه بحالة الطقس وتداخلات حركة الكواكب والنجوم، وتأثيراتها على المد والجزر، وعلى الطباع البشرية.
ومن مفاعيل المسطرة السحرية قدرتها على سبر الجدارة الإبداعية في أي منتج، فإن طلبت منه أن يعطيك رأيه بالرواية الفلانية، فإنه يستلّ مسطرته، ويبدأ شروحاته عن طول الزمن الذي تدور حوله، وكثافته، وإتقان بناء الشخصيات، وجوهرية الأحداث، وهندسة معمار الرواية،… وفي حال سألته عن مسلسل أو فيلم سينما فإنه يُحيلك إلى مكامن القوة في سيرورة الفعل، وفي انعطافات المصائر، وفي متانة الروح الحقيقية للدراما.
وعندما سألته ما السر الكامن في تلك المسطرة؟ أجابني: إن لكل إنسان مسطرته التي يتعلق سحرها بخبرة حاملها ومخزونه من المعلومات، وعندما طلبت منه أن يعيرني مسطرته، رفض قائلاً: ابحث عن مسطرتك الخاصة.