منذ زمن وفي مرات كثيرة تحدثنا فيها عن كتلة الدعم التي تقدمها الحكومة للعديد من المواد الأساسية, والتي تشكل بحجمها متطلبات معيشية ينبغي توفيرها بآلية واضحة تكفل وصولها إلى كل شرائح المجتمع, من دون تحديد هوية المستفيد منها, وغير المستفيد, أو بمعنى آخر من ليس بحاجة لها, وهي الفئات التي تسعى الحكومة لاستبعادها حالياً من ميزان الدعم ..!
قد نتفق مع الحكومة في عملية ترشيد الدعم وتوجيه الكتل المالية الضخمة التي ترصد سنوياً لهذا الموضوع, ولكن نختلف في طريقة التنفيذ والوصول إلى الفئات المستهدفة, لأن أي آلية تطبيق أو تنظيم للدعم لن تثمر بالصورة الصحيحة, ما لم تكن مقرونة بإجراءات مباشرة في الأسواق نحو تخفيض الأسعار, لأنها تضاعفت خلال الأعوام الماضية عشرات الأضعاف, وأي ترشيد للدعم حكماً أكلته حالة التضخم من جهة, وتدني مستويات الدخل من جهة أخرى ..
لذا نجد أن أي كتلة يتم توفيرها من تصويب الدعم, وتذهب على شكل رواتب وأجور لن تفي بالغرض المطلوب لافتقادها القدرة على ردم الفجوة بين الحاجة الفعلية وبين ما هو متوافر بالفعل, ما يجعل التفكير إلى جانب زيادة الرواتب والأجور, في إجراءات أخرى ينبغي العمل عليها, والتي تكمن في تحسين واقع الإنتاج وزيادة الإنتاجية, ولاسيما في القطاع الصناعي والزراعي من جهة, وقطاع الخدمات من جهة أخرى ..
وتالياً فإن انشغال الحكومة ومؤسساتها وإداراتها بالعمل على إيجاد آلية لإيصال الدعم إلى مستحقيه أمر مهم جهداً على المستوى الاقتصادي والاجتماعي, وانعكاس ذلك على واقع الفئات المستهدفة بصورة مباشرة, لكن التأثير يبقى ضمن حدود ضيقة على مستوى الفائدة المادية في ظل ظروف صعبة نعيشها اليوم يتخللها ارتفاع كبير للأسعار ترافقها فجوة كبيرة بين الدخل ومستويات الأسعار لكل السلع وقبلها مستلزمات الإنتاج.
وتالياً هذا الأمر يفرض حقيقة لا يمكن تجاهلها, في تفكير الحكومة وخطتها لترشيد الدعم, وهذه تكمن في استهداف القطاع الإنتاجي بمستوياته المختلفة لتكون عامل قوة واستقرار لخطتها في تصويب الدعم وتحقيق الاستفادة التي تعكس إيجابيتها على الفئات المستهدفة, لأن توفير المنتجات والسلع في الأسواق بأسعار معقولة ومستقرة من شأنه تحسين واقع تلك الفئات وبصورة إيجابية يتلمسها الجميع عندها نكون قد حصدنا أولى ثمار ترشيد الدعم..!