وقت التصحيح

“إيصال الدعم إلى مستحقيه…وقف الهدر.. إلغاء العشوائية في توزيع حصص الدعم”…
عبارات تتردد على مسامعنا هذه الأيام ضمن خطة معالجة ملف الدعم الساخن، الذي تتحمل خزينة الدولة أعباء مادية مرهقة لقاء تأمين المواد المدعومة بعد ارتفاع فاتورة استيرادها بسبب الحرب وتداعياتها الاقتصادية، ويزيد الطين بلة الطرق العشوائية وغير المنصفة في آليات توزيع مبالغ الدعم، بحيث يتساوى الغني بالفقير في الحصول عليها وتحديداً فيما يخص الخبز والمشتقات النفطية، فهل يعقل مثلاً أن يتساوى أصحاب الملاءات المالية الكبيرة من فئة رجال الأعمال وأصحاب المشافي الخاصة والمولات مع فئة الموظفين والفقراء، ما يوجب تصحيح مسار الدعم وإيجاد طرق أكثر جدوى تضمن إيصال مبالغ الدعم إلى مستحقيها.
اليوم، تبدو الحكومة اتخذت قرارها في إعادة تصويب مسار الدعم ووقف استنزاف خزينة الدولة عبر غربلة المستفيدين من الدعم وتحديد الفئات المستحقة لمبالغه وفق معايير محددة، وطالما هذا الخيار سيصبح أمراً واقعاً بعد فترة قريبة، لا بد من الإشارة إلى ضرورة امتلاك الوزارات المعنية قاعدة بيانات كافية ودقيقة تمكنها من تحديد هذه الفئات بدقة مع اعتماد معايير منصفة للشرائح الأكثر احتياجاً وضرراً من ويلات الحرب مع طرح بدائل مرضية تعوض هذه الفئات وتضمن تحسن معيشتها، حيث يطرح مثلاً تقديم بدل نقدي أو توجيه مبالغ الدعم لزيادة رواتب مجزية، لذا يطمح أن تكون المبالغ المقرة كبديل “محزرة” على نحو يضمن تأمين حياة معيشية مقبولة وتمنع بالوقت ذاته حصول تضخم جديد في الأسواق، فمن حق المواطنين بعد كل هذا الصبر والتحمل تعويضه خيراً مع حفظ حق الخزينة وإيقاف الهدر الحاصل المقدر بمليارات الليرات كانت تذهب إلى جيوب الفاسدين وغير المستحقين من أصحاب الأموال.
خيار الدولة في تصحيح بوصلة الدعم وتوجيهه نحو مسارب صحيحة تضمن استفادة الفئات الأكثر فقراً وحاجة مع الإبقاء على دعم القطاعات المنتجة كالزراعة والصناعة، يعد خياراً صحيحاً وإن كان يفضل اتخاذه في أوقات أكثر استقراراً لضمان حصد نتائج أكثر ثمراً، ولكن طالما شرعت الأبواب لإغلاق ملف الدعم ومعالجته بصورة نهائية هذا الوقت الصعب، يأمل كل مواطن إغلاق مغارة علي بابا أمام الفاسدين الذين سيكونون أكثر المتضررين من تصويب مسار الدعم وسد مسارب كانت تستنزف الخزينة بعد ذهاب قسم كبير من حصة الدعم إلى جيوبهم، وضخها من جديد في جيوب الفقراء ومحدودي الدخل بطرق مدروسة تمنع سرقة المواطن والمال العام تحت ستار شعارات جذابة كان يستفيد منها قلة من المدعومين الكبار والمتنفذين الفاسدين … وربما آن أوان التصحيح والتحصيل.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار