التسامح.. محبة وعطاء
لا تستقيم حياة الإنسان ولا يكون لها معنى من دون المحبة، ولكي نصل لمرحلة المحبة المتكاملة يجب أن نصل أولاً إلى التسامح المتكامل الذي يقودنا إلى المحبة التي ستقودنا إلى مرحلة العطاء.
فالتسامح والمحبة والعطاء مرتبطة ببعضها ولا نستطيع الوصول لواحدة منها دون الأخريات.
ونجد أحياناً شخصاً يفكّر بالمنطق ويقول أنا إنسان متسامح، لكنه في تذكرة الماضي وتفكيره بتجربة معينة، يجد نفسه متعباً نفسياً نتيجة تلك التجربة، فمادام الشخص متضايقاً عند تذكّره الماضي التجربة فهناك شيء غير طبيعي في داخله ما يوجب عليه أن يخاطب ماضيه قائلاً: «لقد تعلمت منك الكثير وذلك من خلال التجارب والخبرات، لكني سأترك المشاعر والأحاسيس للماضي، ولن أصطحبها للمستقبل أبداً» ويجب عليّ ألا أهدر طاقتي في الندم على ما فات، بل أوجّه تلك الطاقة إلى أمر يفيدني حاضراً ومستقبلاً».
ويستطيع المرء أن يتعلّم التسامح بسهولة، لكن تنفيذه على الواقع الحياتي أمر فيه شيء من الصعوبة التي تحتاج إلى التدرب، إذ يوجد في داخل كلّ منا ذات مزيفة وذات حقيقية.
وتحتوي الذات المزيّفة على الخوف واللوم والحقد والغيرة والغضب والخصام والكذب والنميمة وغيرها من الخصال التي توصل صاحبها إلى الكراهية والتكبّر.
فالذات المزيّفة مليئة بالضغوط النفسية التي تودي بصاحبها لأن يشعر بالوحدة والقلق والضياع والإحباط التعاسة التي توصل صاحبها إلى عيش الماضي أو المستقبل وليس الحاضر أو الواقع.
والشك أحد الأسباب الرئيسة للفشل في الحياة، وإذا تمادى الإنسان في الشك يصل إلى مرحلة الضياع.
أما الذات الحقيقية فهي التي يصل إليها الإنسان كل يوم، وبين وقت وآخر، إذ تحوي التسامح الذي سيوصل إلى المحبة الموصلة إلى الحنان والعطاء والتواصل مع الآخر وزرع الثقة والتفاهم معه الذي يوصلنا إلى التواضع والتعلم والصبر والصدق التي توصل صاحبها إلى الارتياح النفسي والهدوء الذي نطمح إليه ويجعلنا نقبل أنفسنا كما نحن ويوصلنا إلى مرحلة الحكمة والسعادة التي تجعلنا نعيش الحاضر لا الماضي والمستقبل.
ذلك يدعونا لأن نجاهد أنفسنا لأن نعيش ذاتنا الحقيقية التي توصلنا إلى عيش التسامح والمحبة والعطاء الذي ينعكس عيشه إيجاباً على الفرد والمجتمع بأسره.