تملأ وقتهم وتنشط أجسادهم.. هل تعدد الأنشطة الرياضية للأطفال حالة صحية؟
تشرين- سراب علي:
أصبح تعدد الأنشطة الرياضية للأطفال موضة رائجة عند الأهل، حيث يتنافس الأهل لتسجيل أطفالهم في النوادي الرياضية ولأكثر من نوع من الأنشطة الرياضية، ليجد الطفل، بعمر أربع أو خمس سنوات، نفسه أمام برنامج شامل لمختلف الرياضات منها السباحة والجمباز والكاراتيه والكيك بوكسينغ وكرة القدم.
ربما يتفاجأ البعض من كلامنا السابق، لكن هذا هو واقع حال الأطفال اليوم، حيث أكد عدد من الأهالي في حديثهم لـ(تشرين) أن ممارسة أكثر من نوع من الرياضة بالإضافة لنشاطات أخرى يملأ وقت الطفل وتجعله أكثر إدراكاً لأهمية الوقت والتنظيم، وكذلك تصبح لديه معرفة بأنواع الرياضات ويمكن أن يبدع بها جميعها.
قادرون.. لكن يملون
والدة الطفلين علاء ووسام قاسم قالت: لقد سجلت ولديّ بالسباحة وكرة القدم والكاراتيه، وهي رياضات مختلفة عن بعضها، ويجب أن يدركوا أهمية كل واحدة، وهذه الرياضات فيها تهذيب للنفس، وفي سؤالنا عن مدى تقبل طفليها لثلاثة أنواع من الأنشطة الرياضية؟ أجابت: في البداية رفضوا وكانوا يشعرون بالتعب على اعتبار أن الرياضات الثلاثة في نفس اليوم ويفصل بين كل منها ساعتان فقط، والآن وبعد مرور شهر تقريباً على التدريبات أصبحوا أكثر تقبلاً، ولكن يشعرون بالملل بين الحين والآخر.
الأهل: أطفالنا قادرون.. وتعددها يهذب نفوسهم
وذكر والد الطفلين ليال ٥ سنوات وأحمد ٧ سنوات أنه حريص على إشغال وقت الفراغ لولديه في العطلة الصيفية بالأنشطة المختلفة وقد اختار النوادي الرياضية في الملعب البلدي في مدينة اللاذقية لتلك الأنشطة حيث الأسعار لاتزال مقبولة مقارنة مع النوادي الخاصة، وأضاف: إن تعدد الأنشطة الرياضية للأطفال له إيجابيات أكثر من السلبيات حيث يعلّم الطفل تنظيم الوقت، وينمي عنده القدرات المدفونة، ورغم أنه مرهق للأطفال إلا أن الطفل لديه طاقات ويمكن تفريغها بالرياضة وإن شعر بالتعب فهذا لن يضره.
حذرت من الضغط على الطفل
لتخالفه الرأي السيدة زينب علي وهي أخصائية نفسية وأم لطفل بعمر ٥ سنوات وطفلة بعمر ٨ سنوات التقتها “تشرين” في نادي الجمباز في الملعب البلدي وتحدثت عن تجربتها مع أطفالها التي لم تتجاوز الشهر، حيث أشارت إلى أنها كباقي الأمهات والأهالي تحرص على ملء وقت فراغ أطفالها، ورغم حرصها على انتقاء الرياضات التي اعتقدت أنها مناسبة لهم وتنظيمها لأنشطتهم وفق برنامج وساعات محددة ومنظمة، إلا أنها لاحظت الملل والإرهاق وعدم التركيز لدى طفليها عند ممارسة نوعين من الرياضة معاً، إذ فضلت طفلتها ذات الثماني سنوات الجمباز على الكاراتيه حيث لم تستطع الاستمرار بالنشاطين معاً، وكذلك طفلها فضل كرة القدم على الجمباز، وأضافت: بعد شهر من تجربة نشاطين للطفلين أدركت خطئي بحقهما، والآن بعد ممارسة نشاط واحد أصبحا أكثر تحمساً ونشاطاً وينتظران بفارغ الصبر موعد أنشطتهما.
وأشارت الأخصائية إلى ضرورة مراعاة الأهل للفروق بين الأطفال واحترام قرار الطفل باختيار أي الرياضة يفضل وعدم زجه بأكثر من نشاط رياضي، إذا كان لا يتقبل هذا، وحذرت من الضغط على الطفل لممارسة أكثر من نوع من الرياضة لأن ذلك سيقوده للفشل والملل وعدم التركيز في أي نشاط آخر ناهيك عن عدم بناء كتلته العضلية بشكل سليم، فالطفل ولو كان بعمر صغير قادر على اختيار الرياضة التي يفضلها حتى لو كانت ركوب الدراجة فقط، وهنا يجب علينا كأهل احترام قدراته وفكره ومحاورته فيما يفضل.
اختيار المدرب الخبير
بدوره، أكد رئيس هيئة حكام سورية باللجنة الفنية للكاراتيه (شوتوكان) بالاتحاد العربي السوري للفنون القتالية، المدرب نضال زريقة في حديثه لـ(تشرين) أن تعدد الأنشطة الرياضية للطفل أمر سلبي للطفل بعمر عشر سنوات فهو ليس قادراً على النجاح، فكيف هو الحال عند طفل بعمر الأربع أو خمس سنوات.
المدرب زريقة: أمر سلبي للطفل.. وهو غير قادر على النجاح
وينصح زريقة الأهل البحث عن مدرب ذي خبرة وكفوء بأي لعبة أو رياضة يحبها الطفل، كي يكون المدرب قادراً على العمل معه وتدريبه بدنياً ونفسياً وصحياً واجتماعياً بشكل صحيح وعلمي ومدروس، فالرياضة لها تأثير على المفاصل والجملة العصبية والعضلية بشكل عام لهذا اختيار الرياضة الأنسب للطفل شيء في غاية الأهمية لأن أي رياضة تحتاج لمجهود ذهني وعضلي، وما يبرره الأهل بوجود طاقة لدى أطفالهم ويجب تفريغها بأكثر من لعبة رياضية هذا مفهوم خاطئ، إذ يمكن أن يفرغ الطفل طاقته بنشاط رياضي واحد فهو أيضاً يحتاج للعب مع أقرانه والجلوس مع أهله والنوم والراحة، وليس فقط الأنشطة الرياضية المتعددة والتي يكون لها أثر سلبي عليه.
وأشار زريقة من خلال تجربته وتعامله مع الأطفال أن بعض الأطفال أبدعوا في لعبتين معاً لعبة الكاراتيه الحركية ولعبة الشطرنج الذهنية، ولكن لا يمكن أن يبدع الطفل في لعبتين تعتمدان على الحركة.
وأضاف زريقة: ليس أي مدرب لأي لعبة هو مدرب، و للأسف يتجه الأهل للمدربين الصغار بالعمر وقليلي الخبرة والمعرفة وغير الحاصلين على شهادات تدريب تخولهم ممارسة مهنة التدريب، بل يختارونهم لمجرد إحرازهم مركزاً في أي بطولة على مستوى الجمهورية أو المحافظة، أو مثلاً أحرز “حزام أسود” بلعبة قتالية معينة.
مؤكداً على فكرة اختيار المدرب الكفوء والقادر على التعامل مع الطفل والسير به نحو النجاح الذي يريده الطفل والأهل، فالمدرب يجب أن يكون خاضعاً لدورات بالطب الرياضي لمواجهة والتعامل مع أي إصابة ممكن أن تحصل أثناء تدريب الأطفال، وأن يكون القدوة للطفل في كل شيء وأن يقدم له النصائح بالتغذية التي هي أمر أساسي ومهم لأي لاعب أو طفل يمارس أي نوع من الرياضة.