بين الرفض والتأييد.. هل قرار لجنة صناعة السينما والتلفزيون قادر على ضبط المحتوى الفني وصناعته؟
لا ندري إن كان يمكن تسميته “تهديداً معلناً مغلفاً بقرار ممهور، مُنع عبره ناشطو مواقع التواصل الاجتماعي من بث أي مقطع فني درامي، القرار صاغته لجنة صناعة السينما والتلفزيون أكدت فيه أن كلَّ من ينشر ويعمل ويقوم بتصوير لوحات درامية أو أي محتوى فني يخص مواقع التواصل الاجتماعي يجب أن يحصل على التراخيص اللازمة من اللجنة والموافقات الخاصة بالتقييم الفكري، ومن جميع الجهات المعنية، إذاً كل من لا يحصل على الترخيص سيعدّ مخالفاً وسيتم تحريك الادعاء مباشرة، وفقاً للمعروض الموجه للمحامي العام بدمشق، والذي تمت إحالته لإدارة الأمن الجنائي، الأمر الذي طرح تساؤلات عديدة عن الغاية من هذا القرار الآن؟
فوضى إلكترونية!
ارتأى رئيس لجنة صناعة السينما والتلفزيون علي غالب عنيز، في لقاء “تشرين” معه، أن القرار صدر نتيجة الفوضى التي شهدناها في الآونة الأخيرة من عرض محتويات درامية فنية تُحسب على الدراما السورية وناطقة باللهجة البيضاء السورية المحكية، وكان عدد منها يحتوي على مشاهد تخلّ بالآداب والأخلاق التي لا تشبه واقع ومبادئ الدراما السورية، والهدف من القرار تنظيم وترخيص عمل من يمتهن ويدعي حالة الإنتاج الفني وتقييم المحتوى بأن يكون لائقاً بالذائقة العامة.
تم توجيه القرار لكل من يقوم بتصوير وإنتاج محتوى فني محترف يدار من مخرج وفنيين وفنانين، وأصبح يمتهن حالة الإنتاج ويقوم بفتح موقع تصوير من دون الحصول على الموافقات اللازمة، وأضاف: نحن جاهزون لتلقي أي محتوى ليتم تقييمه بالتعاون مع وزارة الإعلام، وليتم إيجازه ومنحه الموافقات بعيداً عن أي تعقيدات أو روتين، وليس هناك أي هدف للجباية المالية بل هدفنا تنظيمي فقط وليس الهدف أي تقيد للحريات ولكن تنتهي حرية الفرد عندما تبدأ حرية الآخرين، ولك الحق في صفحتك الشخصية وتكون مسؤولاً عمّا ينشر عليها، أما عندما تكون حالة عامة وعلى منصات فليسمحوا لنا هنا لأن الحالة تتعلق بسمعة منظومة الدراما السورية الكاملة.
لا علاقة للتشديد الرقابي!
وساهم في صوغ هذا القرار المستشار القانوني في وزارة الثقافة بشير عز الدين الذي أكد لـ”تشرين” أن القرار صدر بسبب تفاقم ظاهرة استغلال وسائل التواصل الاجتماعي لنشر أعمال درامية لأغراض تجارية وسيئة، وأضاف: إن المخالفين له سيتم ضبط مخالفاتهم عن طريق الضابطة العدلية الخاصة بالجرائم المعلوماتية، وستحال تلك الضبوط إلى النيابة العامة لتتم متابعتها أمام القضاء، سواء من النيابة العامة لجهة مخالفة النظام العام والآداب العامة، ومن لجنة صناعة السينما بالنسبة لجريمة مزاولة مهنة صناعة السينما والتلفزيون من دون ترخيص ونشر أعمال درامية قبل إجازة النصوص وقبل الحصول على رخصة بالعرض وفق القوانين النافذة.
وأشار عز الدين إلى أن المسالة لا علاقة لها بالتشدد الرقابي فالقوانين التي تنص على خضوع نشر المحتوى الدرامي المعد لأغراض تجارية للترخيص قائمة منذ عام 1958 وحتى اليوم.
وحول آلية التعاطي مع المقاطع الدرامية التي مصدرها الخارج فسيعامل ما ينطوي على جرائم منها وفق الاختصاص القضائي السوري، فإذا كان النشر قد تم من سورية أو الناشر أو المجنيّ عليه سوريّاً فيشمله اختصاص القضاء السوري.. أما خلاف ذلك فلا يمتد إليه الاختصاص القضائي الوطني، وتختلف العقوبة باختلاف طبيعة المخالفة من منع العرض وإغلاق الموقع إلى الملاحقة بجريمة مزاولة مهنة من دون ترخيص أو عرض محتوى درامي على العامة من دون ترخيص، والغاية تفعيل آليات محاسبة المخالفين بما يسهم في تحقيق نوع من الردع وحماية حقوق ممارسي مهنة صناعة الدراما والتلفزيون.
قرار متسرّع
من جهته نوّه مدير شركة “بانة للإنتاج والتوزيع الفني” عماد ضحية بأن القرار متسرّع وغير مفهوم فكيف يمكن للجنة صناعة السينما أن توجه للناس بمنع تنزيل لوحات درامية أو مقاطع فنية بلا موافقة منها! وإن عملها الأساسي تسهيل عمل منتجي عمل شركات الإنتاج لكونها منبثقة عن غرفة الصناعة التابعة لوزارة الصناعة؟!
وأضاف: أستغرب إصدار قرار كهذا من قبلها لكون ضبط هذا الموضوع أمر شبه مستحيل لأنه إن كان في سورية عشر صفحات مثلاً ففي خارجها آلاف الصفحات، إضافة إلى أننا لا نستطيع حرمان إنسان من فكرة التجريب سواء في مجال التمثيل أو الغناء أو تقديم سكيتش أو نكتة مصورة قام بتصويرها على هاتفه النقال، والنقطة الثانية هي موضوع ضبط “السكيتشات” التي عدّوها أعمالاً فنية.. أعتقد أنه لا يوجد أي علاقة بين الدراما وبين ما يقدم على مواقع التواصل الاجتماعي، ولا يمكن تصنيفها أكثر من كونها “تجربة”! لماذا يتم نسب هذه التجارب التي يقوم بها بعض الهواة عملاً فنّياً؟ العمل الفني له هويته ومخرجه وممثلوه ونص درامي، فلا نستطيع القول إننا سنرتقي بالدراما عبر منع بث هذه التجارب عبر الشبكات بل أراه ضغطاً على الناس أكثر من كونه تنظيماً للدراما أو محافظة عليها، وإن المحاسبة يجب أن تكون في إطار الإساءة للبلد.. فمن يقدم محتوى مسيئاً فهذه مسؤوليته، وهناك تطبيقات يومية وتحديثات جديدة لا يمكن ضبطها وهو فضاء كبير لا مجال لضبطه وأعتقد أن هذه حرية شخصية خاصة بكل واحد فينا.