كي لا تمتلئ حياتنا بمنغصات جديدة، إضافة إلى التشكيلة الواسعة، من مختلف الأشكال والمقاسات والألوان، التي فرضتها الحرب على هذه البقعة الجغرافية الظريفة، من مثل مَن سيشعل «اللدة» ويُعيد إطفاءها، للمحافظة قدر الإمكان على عمر البطارية، في ظل الحماية الترددية التي حبتنا إياها مؤسسات الكهرباء في محولَّاتها، والتي لا تتردد في إطفاء أجهزتنا الكهربائية وإشعالها مثل إنارة شجرة الميلاد، في ساعة الوصل اليتيمة، التي لا تصل إلى ربعها غالباً، أو من سيتبوأ منصب بواب غرفة المعيشة المُدفَّأة قليلاً، بعدما آثر معظم أفراد العائلة الدخول والخروج منه وتركه من دون إغلاق كامل، بحيث يدخل منه «ناسوف» هواء بارد، يُشعِر المرء بالمغص، والتَّلبُّك المِعوي، وبتشنُّجات القولون، بل من سيقف اليوم على دور الفرن؟ ومن سيرمي كيس القمامة؟ ومن سيملأ«بيدون» ماء الشرب من الدُّكَّان ويصعد به مئة درجة… لكل تلك المُنغِّصات يلعب أبناء جارنا لعبة أشبه بالقرعة، اسمها «حجرة ورقة مقص». الحجرة تمثِّلها قبضة اليد، والورقة الكفّ المفتوح، والمقص إصبعا السبابة والوسطى، بحيث إن الحجرة تكسر المقص، والمقص يقص الورقة، والورقة تلف الحجرة، والرابح من يجمع ثلاث نقاط، وهكذا بات الخاسر هو من يقوم بالواجب المطلوب منه، ولإعجابي بتلك اللعبة بحثت عنها، فعرفت أن جذورها صينية منذ القرن الثاني قبل الميلاد، وكان اسمها «شووشيلينغ» بمعنى «أمر اليد»، ويعود ابتكارها إلى عالم السحالي، إذ عندما يتنافس ذكران على أنثى، تكون الغلبة مشابهة للعبة، فهناك ثلاثة ألوان للذكور، البرتقالي يهزم الأزرق، والأزرق يهزم الأصفر، والأصفر يهزم البرتقالي، وثمة من أعادها إلى بعض أنواع البكتيريا في القولون التي تنتج مضادات حيوية بما يشابه اللعبة، كل نوع يهزم الآخر، وفق خوارزمية بسيطة، وما إن حكيت اكتشافي لهذا الحل أمام أحد أصدقائي العَبوسين، حتى قال لي: لا ينقصنا سوى حجر يفجّنا، ومقص يقصنا، وورقة تنعانا، علينا الرحمة ولكم طول البقاء.