الحلقة الأضعف
في كلّ عامٍ يبذل المزارعون أقصى جهودهم في الكدّ والتعب أملاً في الوصول إلى محصول جيد، ربما يعوض بعضاً من خساراتهم في المواسم السابقة ويخفف عنهم عبء المعيشة وربما يدّخرون قسماً من الأثمان لإيفاء بعض من تكاليف الموسم القادم ليفاجؤوا في موسم الجني بأن التوقعات لم تكن كما يأملون .
هذا الكلام ينطبق اليوم على مزارعي الحمضيات في المنطقة الساحلية الذين وصلوا إلى ذروة المحصول لكن اصطدموا بعائق ضعف التسويق واضطرارهم للرضوخ إلى أهواء التجار في التسعير تحت ضغط الحاجة لتسويق منتجهم في سوق الهال أو غيره, وأمام هذا الواقع فضل البعض منهم أن يبقي الثمار على الأشجار خوفاً من سوء التسويق بأسعار بخسة قد لا تفي بتكلفة إنتاجها , هذا عدا عن التكاليف الأخرى التي سيتحملونها كأجور شحن وغير ذلك ليصلوا في النهاية إلى نتيجة بأن تعبهم ومحصولهم وآمالهم كلها ذهبت أدراج الرياح .
ربما يقال: إن “السورية للتجارة” تتدخل بشكل إيجابي عبر استجرار المحصول من المزارعين لتخفيف الأعباء عنهم وعدم خسارتهم وتقدم لهم التسهيلات لذلك ، لكن في الجهة المقابلة يقول بعض المزارعين: إن المؤسسة لا تستجر إلا النوعيات الجيدة وتترك الباقي يسوقه الفلاح بنفسه وهنا سيعود لرحلة البحث عن تاجر يستجر هذا المحصول وطبعاّ بالسعر الذي سيفرضه هذا التاجر، لأن هناك حلقات وسيطة أخرى لها نسب أخرى من الربح وهنا قد لا يساوي السعر جزءاً بسيطاً من التكلفة ليبقى الفلاح هو الخاسر الأكبر والحلقة الأضعف في كل تلك العملية ولا يكون من نصيبه إلا الخيبة في نهاية المطاف.
فهل من حلول تنصف هؤلاء المزارعين وتفيهم بعضاً من أتعابهم أو تعوض شيئاً من خساراتهم المتلاحقة تارة بسبب الظروف الجوية وارتفاع تكاليف مستلزمات الإنتاج، وتارة بسبب استغلال حاجتهم من قبل التجار وقبولهم الأسعار على مضض فلا باب آخر أمامهم !
مزارعونا اليوم يحتاجون الإنصاف ويأملون تقدير تعبهم , فهل يلقون آذاناً مصغية ؟