مهما مرّ على «رأسها» الذي شاب قبل أوانه، كانت تظهر ذاك الحس المتفائل في مقاومة ذاتية وعلاج مجدٍ لكل ندبات هذه الحرب الملعونة، وبرغم كل ما حملته السنة الفائتة غير المأسوف عليها من هموم معيشية ظلت محافظة على ميزتها النادرة «المحسودة» عليها في ظل موجة التشاؤم السائدة حتى فاجأتها السنة الجديدة في يومها الأول بتغير طارئ عند ظهور صوت «نشاز» غير مألوف كسر رويتنها المعهود.
وبعد تدقيق وتمحيص تبين أن ثلاجتها «العزيزة» قد تلقت صعقة من الكهرباء، التي لا تزورهم سوى دقائق قليلة في اليوم، فدقت الكف بالكف وحضرت كلمات خفيفة الوطأة على جيب زوجها كي يتحضر لدفع «المعلوم» الذي لن يكون قليلاً لكون تصليح الأدوات المنزلية يكلف« بقرة جحا».
نكبة «الصديقة» المتفائلة، حالة تتكرر عشرات المرات بسبب الكهرباء أو غيرها، وهذه الأعطال المفاجئة للأدوات الكهربائية والتقنية تكسر ظهور أصحاب الدخل المحدود ليس بسبب ارتفاع تكلفة إصلاحها وعدم إيجاد قطع تبديل من جراء العقوبات الاقتصادية أو اللجوء إلى خيار شراء بدائل جديدة أو مستعملة، وإنما بسبب ضعف قوتهم الشرائية، فأجور الحرفيين ارتفعت أضعافاً مضاعفة بينما بقى الأجر الشهري ثابتاً وتتناقص قيمته يومياً من جراء موجة الغلاء الجنونية، واليوم شراء أي قطعة كهربائية أو إلكترونية بات «حلماً» بعد تجاوزها سقف المليون ليرة، علماً أن هذه الأدوات تركن في أسواقها وكأنها أدوات للزينة من جراء ركود سوقها، فهي أن توافرت لكن لا قدرة للمواطنين على شرائها على مبدأ «الجمل بقرش وما في قرش»، لذا الخيار الأسلم للجيوب التصليح والرضا بدفع «كوشة مصاري»، مع الدعاء أن يحالفهم الحظ بحرفيين لا يعتمدون على قاعدة «هات أيديك وألحقني»، وأن تكون الكهرباء «رحيمة» عند مرور «ظلها الخفيف» على البيوت.
جفاف التفاؤل في عروق “صديقتنا” وكل مواطن «لطشته» أزمة الكهرباء والغلاء، يأمل أن يكون حالة مؤقتة وعابرة، وتعود ذبذباته إلى مؤشراته الطبيعية بعد الخلاص المنتظر في العام الجديد المرهون بتحسين رصيد الأجور بحيث تصمد وتقوى على تقلبات الأسواق وجور التجار مع رد بلاء أي صدمات مفاجئة تشفط الراتب وكل المدخرات…وهنا نرجو أن يرجع لـلصديقة المنكوبة حسُّها التفاؤلي وألّا تنضم إلى قوائم المتشائمين فعسى تجد- ونجد – كل الخير والتفاؤل في كل أيام العام الجديد ويعوضنا عن كل مآسي العام الراحل…فكما يقال:« تفاءلوا بالخير تجدوه»..؟!