أيام قليلة وينهي الرئيس الأمريكي جو بايدن عامه الأول في البيت الأبيض من دون أن تكون لسياساته تغيرات جوهرية قياساً بسابقه دونالد ترامب، خاصة ما يتعلق بتعاطيه مع مشكلات الشرق الأوسط.
لقد أطلق بايدن وعوداً كثيرة لتخفيف الاحتقان وحدّة التوتر التي عاشها العالم قبل قدومه وأن يعيد للشرعية الدولية بعضاً من هيبتها، وأن يعيد أيضاً إحياء بعض الاتفاقيات الدولية التي انسحب منها سلفه، لكنه للأسف لم يفعل ذلك، حتى عودته إلى اتفاقية باريس للمناخ لا تزال عودة شكلية وإعلامية، ومازالت إدارته تناور وتمارس الضغوط وتطلق التصريحات العدائية قبل عودة واشنطن إلى الاتفاق النووي الإيراني الذي يمكن أن يتم بخطوة واحدة تتضمن شطب العقوبات عن إيران والتعهد بعدم الانسحاب منه كما فعل ترامب.
أما تعاطي إدارة بايدن مع الشأن السوري فلم يتغير ولا تزال العقوبات الجائرة تطول المواطن السوري في لقمة عيشه، ومازالت قوات الاحتلال الأمريكية تنهب النفط السوري، وتحرم الدولة من تقديم الحد الأدنى من مخصصات وقود التدفئة أو وقود الإنتاج الزراعي، مخالفةً بذلك قرار مجلس الأمن (2254) الذي وافقت عليه الإدارة الأمريكية «الديمقراطية» السابقة والذي يؤكد وحدة الأراضي والسيادة وعدم التدخل في الشؤون الداخلية، فيما تدعم إدارة بايدن المجموعات الإرهابية والانفصالية وتستثمر في معاناة الشعب السوري .
إنه لمن الخطأ المراهنة على تغير ساكني البيت الأبيض، لأن من يدخل إليه يحمل معه حقيبة من تراكمات السياسات الاستباحية لحقوق الآخرين، مع كل أنواع الصلف والعقوبات والتهديدات ضد الدول الأخرى بما في ذلك الدول العظمى، ما يعني أن مواجهة هذا الصلف الأمريكي بكل الوسائل باتت مطلوبة وإلا سيبقى بايدن أو غيره من رؤساء أمريكا القادمين صورةً مشابهةً لصورة ترامب مع بعض «المكياج» الذي لا يغيّر في الجوهر شيئاً.