١٦٣ حالة انتحار خلال عام والنسبة تسجل تراجعاً .. مدير الطب الشرعي: الحالات متنوعة ووسائل التواصل تبالغ وتُضخم
لا تزال سورية من البلدان التي تسجل أقل نسب الانتحار عالمياً، لكن لا أحد ينكر أنه في السنوات القليلة الماضية بدأنا نلاحظ ونشهد حوادث انتحار من مختلف الأعمار ربما لوجود خلل نفسي لدى البعض، أو نتيجة ظروف وضغوط الحرب أو الضائقة الاقتصادية الكبيرة لدى البعض الآخر، وقد كانت حصيلة هذا العام 163 حالة انتحار حسبما أكده المدير العام للهيئة العامة للطب الشرعي في سورية الدكتور زاهر حجو بتراجع من 10-15% عن العام الماضي. وأشار حجو إلى أن إجمالي حالات الانتحار منذ بداية العام, وحتى تاريخ 20/ 12 بلغ 163 حالة منها 112 ذكوراً و 51 إناثاً، لافتاً إلى أنّ الطريقة الأكثر استخداما للانتحار هي الشنق فقد سجلت 75 حالة انتحار شنقاً، و41 حالة بطلق ناري، و16 سقوطاً ورمياً من شاهق، بينما سجلت 23 حالة انتحار عن طريق التسمم، أما القاصرون الذين هم تحت سن الـ18 سنة, فبلغ عدد المنتحرين: 25 حالة منها 14 ذكوراً و11 إناثاً.
حلب أولاً
وكشف حجو أنّ حلب تتصدر المرتبة الأولى للسنة الخامسة على التوالي بوقوع حوادث انتحار فقد سجلت 34 حالة، تليها اللاذقية وريف دمشق اللتان سجلت كل منهما 24 حالة بينما دمشق 18 حالة، وحماة وطرطوس 17 حالة لكل منهما.
أما درعا فسجلت 6 حالات، و القنيطرة للسنة الثالثة على التوالي لم تسجل فيها أي حالة انتحار، مضيفاً: إن حالات الانتحار تراجعت عن العام الماضي بنسبة تتراوح بين 10-15 % فقد وصلت العام الماضي إلى 198 حالة، مؤكداً أنّ سورية أقل الدول بوقائع الانتحار عالمياً .
وختم حجو بالقول: يوجد الكثير من الأخبار الكاذبة التي نسمعها ونراها على مواقع التواصل الاجتماعي والتي تتعلق بالانتحار، فهناك تضخيم ومبالغة، وأحياناً تكون الحادثة خارج سورية، وتنشر على أساس أنها داخل البلد من أجل جمع «اللايكات» فقط ، منوهاً بأن الهيئة هي المصدر الرسمي للإعلان عن حالات الانتحار، راجياً توخي الحذر في مثل هذه الأمور علماً أن نقل مثل تلك الحوادث أو الأخبار غير الصحيحة من شأنها أن تزيد من نسبة الاضطراب والتوتر لدى الناس.
بدورها الاختصاصية الاجتماعية أسمهان زهيرة تقول: يصادف الثامن من شهر أيلول من كل عام اليوم العالمي للتوعية ومنع الانتحار بهدف مساعدة الأشخاص الذين لديهم أفكار انتحارية، وأضافت انه وبموجب إحصاءات منظمة الصحة العالمية يموت نحو ٨٠٠ ألف شخص سنوياً بسبب الانتحار، مشيرة إلى أنّ أسباب الانتحار تعود إلى الاصابة بأحد الاضطرابات النفسية للفرد أو أحد أفراد عائلته: «الاكتئاب الحاد – الهوس – الفصام واضطراب الشخصية»، وكذلك التعرض للإساءة بشكل متكرر من المحيط وضعف الدعم من قبلهم، إضافة إلى الإصابة بأحد الأمراض المزمنة أو المؤلمة، وسوء استخدام العقاقير أو ممارسة سلوكيات متعلقة بها من قبل أحد أفراد العائلة، وأيضاً محاولة سابقة للانتحار للفرد أو لأحد أفراد عائلته.
مأساة حقيقية
وأضافت: إن كل حالة انتحار هي مأساة حقيقية تؤثر على الأسر والمجتمعات والبلدان بأكملها وتترتب عليها آثار طويلة الأمد على ذوي الشخص المنتحر في أي مرحلة عمرية، موضحة أنّ المنعكسات النفسية للانتحار تتمثل بالشعور بالحزن والغضب لدى الأشخاص الذين تم تركهم بعد محاولة الانتحار «أي الناجون من الانتحار»..
أما تأثيراتها الاجتماعية انطلاقاً من الأسرة فتعدُّ نسبية من حيث طريقة تعاملها مع الظاهرة سواءً بالسلب أو الإيجاب وكل ذلك يؤدي إلى ضرورة زيادة الانتباه والاهتمام بالمرضى النفسيين وطرق التعامل معهم بجدية لا تقل عن التعامل مع الأمراض العضوية وخاصة أنّ الانتحار هو محصلة نهائية لتفاقم المرضى النفسيين من دون علاج جاد.
مخاطر الفكر الانتحاري
وذكرت زهيرة أن فكرة الانتحار تتعلق بشكل عام بالاكتئاب واضطرابات المزاج الأخرى كما له علاقة بأحداث الحياة والمناسبات العائلية وصعوبة تأمين العمل أو الحفاظ على الأصداقاء أو إيجادهم، منوهة بأن الشخص قد يتعرض وعائلته للوصمة والتمييز، كما أنه يؤثر أي «الانتحار» في شعور الأشخاص الطبيعيين قبل المرضى النفسيين وإحساسهم بالخوف والقلق والتوتر تجاه دائرة معارفهم والمقربين منهم بأن يصل إليهم ولو مجرد خواطر الأفكار من دون علمهم أو شعورهم بذلك.
طرق الوقاية
وشددت زهيرة على الدور المهم للمجتمع في الوقاية من الانتحار من خلال تكاثف الجهود والتنسيق والتعاون بين جميع قطاعات المجتمع باتخاذ التدابير المناسبة لمنع الانتحار أو محاولته لذا لا بدّ من تقييد الوصول إلى وسائل الانتحار من خلال التواصل مع وسائل الإعلام لعرض مواد إعلامية مسؤولة بشأن الانتحار، وتعزيز مهارات الحياة الاجتماعية والعاطفية لدى المراهقين وكيفية التصدي للضغوط الحياتية مع عملية صقل المرونة النفسية لدى الشباب, وتعزيزها بالتعامل الإيجابي مع أهداف الحياة الصادمة، إضافة إلى التعرف مبكراً على الأفراد الذين يظهرون سلوكيات انتحارية وتقييم حالتهم وإدارتها ومتابعتها، وأيضاً تدريب العاملين في القطاع الصحي والنفسي والاجتماعي وتدريب غير المختصين على تقييم السلوك الانتحاري والتعامل معه للحد من انتشار الظاهرة.
موجبات الانتحار
من جانبه دكتور الأمراض النفسية رمضان محفوري كشف أن الوحدة والهجرة والفقر, وأيضاً تراجع مستوى الدخل، وقلة فرص العمل وغياب أفق المستقبل كلّها موجبات تؤدي إلى الانتحار، لافتاً إلى أن الأعراض النفسية التي تسبق الانتحار:« اضطراب النوم – قلق وتوتر دائمان ، اكتئاب – تسرع بالتنفس وضربات القلب – صداع – أمراض الصدر والربو – القلب –أمراض المعدة والأمعاء قرحة والتهاب – وأيضاً الضعف الجنسي», وهذا ما يزيد الوضع سوءاً وخاصة عند الرجال, وغيرها الكثير.
ولدى السؤال أنه هل كل من يقدم على الانتحار تكون لديه مشكلة نفسية أجاب بنفي هذه المعلومة جملة وتفصيلاً, وأنها معلومة خاطئة، لأنه في بعض الأحيان من يخسر بالبورصة يمكن أن ينتحر، حيث تؤدي خسارة العمل إلى الانتحار، فهل هذا مريض نفسياً، بالتأكيد لا.
ختاماً
أمام هذه الظاهرة الخطيرة من واجب كل الجهات الأهلية والرسمية أن تضع مثل هذه الموضوع نصب أعينها, ومن ضمن أولوياتها، وتعمل على معالجة الأسباب خوفاً من تفاقمها و انعكاسها سلباً على الفرد والأسرة والمجتمع بأكمله.