كان يا ما كان في سالف العصر والأوان، كان في حديقة وشارع مهَنْدس تمام، وكان على كرسي الحديقة تاجر مقهور وشبه مفلس وتعبان، جلس بجانبه شخص رزين الهيئة وثيابه تنمُّ على أنه ميسور الحال، وتبادلا أطراف الحديث وشكا التاجر همه للغريب كما يفعل معظم الناس حين تضيق بهم الحال، فما كان من الغريب إلا أن أخرج من معطفه «شيكاً», وسلّمه للتاجر ليفك به ضيقه على أن يقابله بعد عام من الآن ويرد له المال.
التاجر أخذ الشيك وعدّه هدية من السماء ليحل به مشاكله وينقذه من الإفلاس، وسار بعدها درباً طويلاً بالأعمال وصار يصل ليله بالنهار ويؤجل صرف الشيك خوفاً من تضاعف الدين وقلة رأس المال، ويوماً بعد يوم تحسن وضع التاجر ووصل حد الانتعاش والبدء بجني الأرباح بعد أن ثابر واجتهد وصبر على الليالي السوداء، وانقضى العام وآن أوان تسليم الشيك للغريب الذي أرسلته السماء، وبالفعل قصد التاجر حديقة أيام زمان ووجد الغريب جالساً على ذات الكرسي وعلى وجهه ملامح المطمئن الفهمان.. فأعطاه الشيك شاكراً إياه، وهمّ بالانصراف وإذ بممرضة تركض بسرعة باتجاههما وتقول موجهة حديثها للغريب: الحمد لله أني وجدتك, واعتذرت للتاجر متمنية ألا يكون هذا المجنون الهارب من البناء« المُهنْدس تمام » قد أزعجه وسبب له الأذى أو الإحراج، ضحك التاجر قهقهة ومضى وهو يستذكر تفاصيل عام، جرى فيه جري الوحوش بيعاً وشراءً ورهناً.. وكل علمه أن في جيبه شيكاً مذيّلاً برقم ذي أصفار!.
حكاية مستهلكة، ويمكن قرأتموها مرات ومرات، ولكن هي حكاية مناسبة جداً لاستحضارها نهاية العام كي نتعلم منها كيف يمكن أن يصير التصميم والتخطيط البنّاء مفتاح النجاح.
ويمكن أيضاً قراءتها ثلاث مرات آخر دقيقة في هذا العام, والنفخ بعدها بوجه «الموبايل» أو شاشة التلفاز لعلّ مجنوناً يبيّض لنا الفال, ويخرج بحلول تشد إزر طالعنا في القادم من الأيام.