الشهرة ليست هدفاً
تظل فكرة أن ليس كل صحفي قادراً على أن يحقق حظوة من الشهرة في مجال أدبي بمقدار ما قد يحققه في المجال الصحفي، أو شهرة توازي شهرة أديب ليس صحفياً.. تظلُّ مجال اختلاف وحوار.
لكننا نزعم في البدء أن مبدعاً لا يضع في باله أن يصبح مهماً أو مشهوراً عندما ينطلق في تجربة الكتابة، سواء كان شاعراً أو قاصاً أو روائياً أو مسرحياً، أو في حقول إبداعية بصرية، أو سمعية، لأن هذه مسألة لا تخطر على بال المبدع في أي مجال يخوضه إلا بعد أن يكون قد اقتنع بأن تجربته قد تبلورت، فيبدأ العمل على تطوير إبداعه مستمراً في تميزه، الذي سيشير إليه نقاد وصحفيون وجمهور متلقٍ لهذا الإبداع أو ذاك، وتحقق ذلك سيوصله إلى شهرة بمقدار ما.
ونزعم أن هذه الشهرة لا تتحقق بظروف موضوعية واحدة وعادلة للجميع، ونقصد بها ظروفه (الحياتية والأسرية والمادية.. إلخ)، فهي قد تتوافر بشكل جيد لشاعر ما، ولا تتوافر لغيره، فتذلل له كل المعوقات التي تجعله يتمكن من أن يطور قدراته الذاتية ويحقق مكانة كبيرة في الإبداع، ويحظى بشهرة وافرة، وكذلك القاص أو الروائي، ثم إن ثمة شعراء أو قاصين مارسوا الصحافة وبرعوا في الاثنتين، صحيح أن نسبتهم تختلف من بلد لآخر، لكننا لا يمكن أن نغفل الوقت الطويل الذي يتطلبه العمل الصحفي والذي يفترض أن يُخصص قدر منه للتأمل والتفكير لكتابة الشعر أو الرواية، أو غيرهما، بالقياس إلى أي وقت يستهلكه العمل في مؤسسة ما. فضلاً عن أن مهنة الصحافة لا تسمح لمحترفها أن يؤجل مادته الصحفية (مهما كان تخصصه في الكتابة) لأي سبب، لأنها تتطلب مواكبة الحدث أو تسجيل سبق الكتابة عن كتاب أو برنامج أو ندوة أو مهرجان ما، أو إعداد حوار (إن كان العمل في مجال الثقافة)، في حين أن الأديب غير الصحفي ليس مُطالباً بإنجاز القصيدة أو القصة غداً أو بعد غدٍ لأن هذه المجلة أو تلك الصحيفة ستطبع عددها غير مكترثة بقصيدة هذا الشاعر أو قصة تلك القاصة. ومن جهة أخرى تختلف هذه المسألة من بلد إلى آخر حسب ظروف العمل الصحفي فيها، فضلاً عن أن هوامش الديمقراطية تختلف من بلدٍ لآخر وهذا يسهم في تخفيف ضغوطات العمل الصحفي الذي يعود على الأديب براحة أعصاب تسمح له بالتأمل والكتابة الإبداعية.