منذ نعومة أظفارنا ونحن نسمع ونرى عمليات التدخل الإيجابي التي تقوم بها الدولة والتي كانت متعددة الأذرع «في حينها» ونذكر حجم ثقلها في السوق, سواء على مستوى الانتشار الجغرافي, أم من خلال حجم ما تقدمه من مواد أساسية للمواطن, فكانت:« التجزئة» و«باتا» و«الاستهلاكية» و«سندس» و«الخزن والتبريد», من دون أن ننسى شركة الخضار والفواكه, وهذه المؤسسات كانت حاملاً مهماً في حياتنا الاقتصادية والمعيشية, وكل الأزمات التي مرت خير شاهد ودليل على قوتها وحفاظها على دورها الاجتماعي والاقتصادي..
وما أشبه اليوم بالأمس من حيث التدخل وإن اختلف الدور قليلاً وحجم الثقل في التدخل تضاعف لأن جميع ما ذكرت أصبحت ذراعاً واحدة, وكما هو معلوم «يد واحدة لا تصفق» وإن فعلها تبقى حجة التصفيق ناقصة برغم كل الإنجازات, وحالات التدخل التي يقوم بها منذ عمليات الدمج التي جمعت تلك المؤسسات, وتأثيرها المحدود أمام ما هو مطلوب في ظل ظروف هي الأقسى منذ ولادة مؤسسات التدخل الإيجابي المذكورة..!؟
وهنا لا نقلل من حجم التدخل الإيجابي في السابق ولا الآن؛ الحالة الإيجابية تفرض نفسها بواقعية, مقارنة مع ما هو متوافر لدى القطاع الخاص الذي يبسط أجنحته على مصراعيها في أسواقنا المحلية, مستغلاً حاجة الدولة ومواطنها لاستقرار حاجاته, وما يحدث اليوم من أزمات في الأسواق خير دليل وبرهان..!
لكن وجود الدولة بذراعها على كامل الجغرافيا من شأنه الحد من تفاقم حالة الاستغلال في الأسواق ولو بحدود معقولة, وذلك بالتوازي مع حجم الإمكانات المتوافرة التي تعزز حالة التدخل, مقارنة مع ما هو مطلوب والذي يفوق حجم إمكانات المؤسسات الخمس المدموجة سابقاً ..!
من هنا ندرك كم نحن بحاجة لها, وإن عملية الدمج من المنظور الاقتصادي لم تكن في محلها, واليوم لدينا مكون تسويقي في غاية الأهمية, يحمل في طياته مؤشرات تدخل إيجابي لا يقل أهمية عن ذراع السورية للتجارة, ألا وهو «قطاع الجمعيات التعاونية» الذي يشكل بما يحتويه من مراكز منتشرة تدخلاً سريعاً يحقق الغاية والهدف, لكنه يحتاج إعادة برمجة وربط مكونه بالحالة الإيجابية التي تسعى لتحقيقها الدولة من عملية تدخلها في الأسواق, فهل ننتظر طويلاً لإعادة برمجة هذا المكون..؟
وهل تعود للبحث في أوراقها القديمة لإيجاد آلية تدخل أكثر فاعلية في الأسواق.!؟ نحن بانتظار الترجمة والتطبيق..!