أيام قليلة ونودع عاماً لم يكن رؤوفاً، رغم كل الأماني والوعود المطمئنة، بحال المواطنين بعد ما حمله من صعوبات زادت من الضغوط المتراكمة على كاهل الأسر وجيوبها، والذين على ما يبدو أنهم على موعد جديد تطيب فيه خواطرهم وجيوب التجار المنتعشة عبر توجه وزارة التجارة الداخلية إلى إجراء تعديلات على قانون حماية المستهلك الجديد، الذي كان فرصة ذهبية لـضبط فعلي لإدارة الأسواق وأحوالها ومنع مخالفات تسرق أرزاق الناس.
ضبط الأسواق المنفلتة لا يحتاج معجزات أو حلولاً مستوردة، وتركها بعهدة التجار فترات طويلة، بات يتطلب جهوداً أكبر لقمع التجاوزات المتزايدة لحظياً، فالأمر يحتاج حالياً تطبيقاً حرفياً وحازماً لقانون حماية المستهلك بالعقوبات الرادعة من دون تحيزات ونكايات، وهنا إذا كانت عقوبة «الحبس» تشكل مصدر قلق وخوف للتجار المخالفين، فالأولى بهم بدايةً الكفّ عن تجاوزاتهم المؤذية للمواطن والاقتصاد المحلي الذي أنهكه فساد بعض رجال الأعمال وأداؤهم السلبي، بينما يفترض وقوفهم مع وطنهم في وقت «الشدة» وبالتالي عند الامتناع عن التلاعب بالأسعار والمواصفات تصبح هذه العقوبات ملغاة ولا تخيف سوى المخالفين، وعند استغلال بعض التموينيين صلاحياتهم ضد تاجر بعينه لغايات شخصية يفترض محاسبتهم، وقانون حماية المستهلك لحظ ذلك أيضاً، لذا من الضروري عدم تجريد هذا القانون المهم من مفعوله القوي الذي يجب توجيهه هذه الأيام نحو إيقاف تلك الشطحات السعرية غير المبررة والمضرة، لكونها تزيد معدلات الأسر المنحدرة نحو خط الفقر لمصلحة فئة قليلة اعتادت الكسب الزائد مهما كان الضرر ولا ترضى عنه بديلاً.. فلِمَ يقدم لهم العطايا على طبق من فضة، بينما يفترض المساءلة وإنزال أشد العقوبات بحق المتجاوزين!
اليوم ونحن على أعتاب عام جديد، الأمل بأن تحمل أيامه واقعاً معيشياً وخدمياً مختلفاً مع بوادر الانفتاح الخارجي وكسر تدريجي للعقوبات وقرب حصول انفراجات فيما يخص الكهرباء والمشتقات النفطية، الأمر الذي يستلزم إن صحت الأماني والتوقعات بعد تصحيح سلم الرواتب والأجور، الذي سيكون ملفاً أساسياً على جدول المعنيين حتماً، تصويب بوصلة الرقابة التموينية والصحية نحو ضبط فعلي لأسعار السلع ومواصفاتها حفاظاً على صحة المواطن وسمعة المنتج الوطني، وتحقيق هذه الغاية يتطلب إرادة جادة وتفعيلاً فعلياً لقانون حماية المستهلك وليس تخفيف عقوباته كما يطمح أهل المال وتجار هذا الزمان الأعوج!.