“تشرين” توثق حالة التغير في مسار إعادة ترميم الجامع الأموي بحلب
فرقٌ كبيرٌ بين حال الجامع الأموي بحلب حينما زارته “تشرين” قبل عامين، حيث كان الدمار يلفه من كل الجهات، وحاله اليوم بعد إعادة ترميم وتأهيل قسم كبير من أقسامه المهدمة في جهود كثيفة ودقيقة يبذلها الفريق المكلف بعملية إعماره، التي تستلزم تعاملاً خاصاً يتناسب مع خصوصية الجامع الأموي بحلب ومكانته التراثية والحضارية.
تغير واضح
“تشرين” وثقت في جولتها الثانية بعد عامين من زيارتها الأولى في أرجاء الجامع الأموي بحلب حالة التغير الواضحة في مسار إعادة إعماره، إذ قاربت نسبة الإنجاز 90% في بعض الأقسام كون عمليات الترميم تتم على مشاريع عدة بذات الوقت، بينما لا تزال أقسام أخرى تحتاج بعض الوقت لما تحتاجه من دقة وخبرة في التعاطي مع تفاصيلها التراثية والأثرية كمئذنة الجامع وأن كانت حجارتها جهزت بصورة كاملة تمهيداً لتركيب النصف المتبقي.
وللاطلاع على ما وصل إليه الفريق المكلف بترميم الجامع الأموي بحلب المجاور لأسواق مدينة حلب القديمة، التي تشهد أيضاً إعادة تأهيل تدريجية أعادت إليها صورتها التراثية والتجارية والجمالية، التقت “تشرين” د.صخر علبي مدير مشروع ترميم الجامع الأموي بحلب، الذي أكد أن أعمال ترميم الجامع الأموي بحلب قائمة على قدم وساق، وتتم على أقسام موزعة على عدة مشاريع نظراً لظروف الدمار الكبير، لكن يمكن القول أن العمل في القسم المعروف بـ”القبلية” قاعة الصلاة الرئيسية شارفت على الانتهاء تقريباً بكل تفاصيلها، كما أن حوش الجامع بواجهاته الأربع قد أنجز فيه عمل كبير، فالواجهات الأربع انتهى العمل بها، إضافة إلى صحن الجامع والموضأ والمنهل المجاورين لبعضها، علماً أن الأقسام العلوية من واجهة الصحن كانت متهدمة ومثقوبة بالرصاص، الأمر الذي تطلب معالجة دقيقة وصعبة، فمثلاً العمل أكثر من 7 أشهر لتركيب خلطات لترميم ثقوب الرصاص والأجزاء المنهارة مراعاة لخصوصية الجامع الأموي بحلب وطابعه الفني التراثي.
توثيق الحجارة
ولفت د.علبي أن العمل الأكبر ينصب حالياً على المئذنة، التي وصل فريق العمل في تركيب حجارتها إلى النصف تقريباً، إذ احتاج توثيق حجارتها عملاً مضنياً ودقيقاً من أجل معرفة أين يمكن تركيب كل حجر في موضعه الأصلي ومعرفة إذا كانت بعض الأحجار صالحة لتركيبها مرة ثانية بعد تعرضها إلى أذى كبير بسبب رصاص الإرهابيين وقذائفهم، علماً أن أحجار المئذنة كانت تدخل على برامج معينة لتبيان وضع كل حجرة وإمكانية تركيبها أم لا، لدرجة أن هذا الأمر استدعى رغم الحصار الاقتصادي الخانق استيراد جهاز خاص لقياس مقاومة هذه الأحجار وفرز الأحجار الصالحة للاستخدام مجدداً والأحجار الممكن إصلاحها وإبعاد الأحجار المتضررة بشكل كلي، لذلك أخذ إنجاز وترميم المئذنة وقتاً كبيراً لكن تم الانتهاء منه بعد فرز كامل لأحجار المئذنة، وقد رصفت الأحجار اللازمة للتركيب في أرضية صحن الجامع وبدء في تركيبها لتصل نسبة الإنجاز إلى 50% تقريباً، لافتاً إلى أن الأحجار المتضررة غير الصالحة للاستعمال سيتم وضعها في أرضية الجامع الخارجية كشاهد عصر حي على الإجرام والإرهاب الذي ارتكب بحق التاريخ والحضارة الإنسانية.
وفيما يخص القسم الشرقي أكد د.علبي أن أغلبية المواطنين لا يعرفون حجم المأساة بهذا القسم تحديداً كونه تعرض إلى تدمير كامل، ويزيد الطين بلة تداخله مع أحد أسواق المدينة القديمة “سوق النسوان”، لذا تأخر البدء في إعادة ترميمه لارتباط ذلك بجهات أخرى كالبلدية لكن بفضل مبادرات الأهالي أوشك على الانتهاء من هذا الجزء أيضاً، أما المصلى الصغير الذي يطلق عليه “الحجازية” وكان أيضاً مهدم بعد تعرضه إلى حريق تسبب في ضياع ملامحه وتدميره بشكل كامل، لكن رغم ذلك شارف على الانتهاء أيضاً.
تخطي الصعوبات
وأكد مدير مشروع ترميم الجامع الأموي أنه بإنجاز هذه الأقسام سيكون العمل في الفترة القادمة منصب على المئذنة وواجهة الجامع الخارجية، التي لا تمت إلى تصميم الجامع التراثي بصلة كونها منشأة خلال خمسينيات القرن الماضي، لافتاً إلى أن ساحة الجامع كانت تضم في الجزء السلفي مرآباً ومكتبة تعرضت إلى حريق مع سرقة محتوياتها، لكن اليوم هناك دراسات جديدة لتصميم جديد للمكتبة بحيث يتم التوسع في إنشائها، وقد أصبحت الدراسات جاهزة أيضاً.
وبين د. علبي أن إنجاز ترميم الجامع الأموي قد ينتهي بحدود عام ونصف تقريباً، لافتاً إلى أن الصعوبات التي كانت تعترض فريق العمل قد حلت بنسبة كبيرة، فمثلاً كان يصعب في فترة ما إحضار حجرة واحدة بسبب تداعيات الحرب لكن اليوم هناك مقلع تابع للإنشاءات العسكرية حل المشكلة كلياً، لكن تبقى هناك مشكلة تتعلق بنقص اليد العاملة كون العمل في الجامع يتطلب عملاً حرفياً وتعاملاً فنياً خاصاً، دون ذلك أصبحت عمليات الترميم أسهل ضمن الإمكانات المتاحة.
ت-صهيب عمراية