لن تندموا…؟!

لا تزال مدينة حلب تعيش ظروفاً صعبة تركت بصماتٍ قاسيةً على صناعتها ومعيشة سكانها لدرجة أن سمة “أهل المال” قد خف بريقها في ظل وضع معيشي ضاغط، لكن رغم أزماتها وتردي الوضع الخدمي وتحديداً انقطاع الكهرباء الذي يصل إلى 20 ساعة في اليوم، ظل صناعيوها متمسكين بصيتهم المعهود بأنهم “أهل إنتاج”، بدليل سعيهم المتواصل لتدوير عجلة إنتاج معاملهم وإن كان بطاقات أقل، فماذا لو تم الإصغاء إلى مطالب الصناعيين المنتجين، حتماً سيكون هناك تغير جوهري في حال هذه المدينة والمدن الأخرى أيضاً، وبالتالي تحسنٌ في حال المعيشة والجيوب.
اليوم حلب تعيش حراكاً اقتصادياً وتجارياً هاماً يدلل على قدرتها على الإنتاج من رحم الحرب، وتمكّنِ صناعييها من النهوض بواقع اقتصادنا المتعب، لكن كما يقال “يد وحدها لا تصفق”، الأمر الذي يحتاج دعماً مدروساً بصناعتها أقله تقديم التسهيلات والخدمات الأساسية اللازمة كالكهرباء “عصب الصناعة” وتخفيف الضغوط على المصانع المنتجة لحين إقلاع آلاتها بطاقات قصوى، وهذا يضمن تدريجيا تحسن الإنتاج المعوّل عليه بتنشيط الواقع الاقتصادي والمعيشي، وبالتالي يمكن القول؛ إن احتضان مدينة حلب العديد من الفعاليات الاقتصادية والمعارض في هذه الفترة كـ”نبض حلب” و”منتجين” يثبت أن حلب لا يكسرها حصار ولا حرب، فإذا استطاع المنتجون الصغار أصحاب المشاريع المتناهية الصغر تصنيع منتجات بمستوى جيد بدعم بسيط وإمكانات مادية محدودة، ويطمحون رغم ذلك إلى تأسيس مشاريعهم الخاصة، فكيف سيكون الحال إذا مدت يد المساعدة للمشاريع الصغيرة والمتوسطة بالشكل المطلوب سواء عبر تأمين قروض ميسرة أو توفير مستلزمات الإنتاج من دون تعقيدات أو ضغوط جديدة، وماذا يمكن أن يفعل كبار الصناعيين بمعاملهم الضخمة وخاصة أن كثراً منهم في الخارج ينتظرون حصول بعض الانفراجات وخاصة فيما يتعلق بالكهرباء للعودة والبدء في ترميم معاملهم وتشغيلها للانضمام إلى قائمة المعامل المنتجة.
حلب “النشيطة” هذه الأيام أن صحّ التعبير وكما هي عادتها دوماً، تستعد لاسترداد مكانتها الاقتصادية والصناعية، وإقامة المعارض خطوة في الطريق الصحيح، لكن المهم تشغيل كل معاملها الكبيرة والمتوسطة والصغيرة وحتى الورش، فهذه العودة “الميمونة” ستؤكد أن حلب أصبحت بخير، وعند تحقيق هذا الهدف الهام سنكون جميعاً بخير.
وهنا يمكن القول بالفم الملآن: إن خلاصنا من أزماتنا المعيشة وإنعاش حال اقتصادنا يتحقق بإنقاذ الصناعة في حلب، فهذه الوصفة المجربة حققت “العجب” في سنوات ما قبل الحرب، والبراهين والأدلة كثيرة، فما عليكم سوى توجيه بوصلة أقلامكم الخضراء واهتمامكم الفعلي صوب هذه المدينة المنتجة وستكون النتائج مبرهنة… فحلب كما كل مدننا تستحق فرصة لإنقاذ نفسها وإنقاذنا… فامنحوها إياها ولن تندموا …؟!

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار