درامياً لا ترويجياً
يضخّم رواد وسائل التواصل الاجتماعي، وبعض المنابر الإعلامية، أي حدث فني إلى ما فوق القبة، في ضوء أننا شعبياً «نعمل من الحبّة قبّة»، فكلما سمعوا، نعم سمعوا وقبل أن يشاهدوا أن ثمة قبلةً بين ممثلة وممثل في عمل درامي سوري، حتى يسارعوا بالهجوم على العمل وعلى أبطاله وكل من شارك فيه، وهذا ما بدأ البعض يتداوله حول قبلة في فيلم المخرج عبد اللطيف عبد الحميد «الإفطار الأخير» بين شخصيتي الفنانة كندا حنا والفنان عبد المنعم عمايري، وليس بينهما كفنانين، والملاحظ أن من يقود حملة التواصل الاجتماعي يجيّش الناس ضد هذه القبلة وضد الفنانين، كأنها ستقضي على سمعتنا جميعاً كسوريين وتردينا قتلى أكثر مما فعلت بنا الحرب! مثل هذه الحملات يحركها بعض المتعصبين الذين لم يشاهدوا الفيلم، لكن ردود الفعل تجاه رفضهم هي ما تجعل لفعلهم حضوراً وقيمة، تماماً كما حدث مع قبلة شخصيتي سلاف فواخرجي ومهيار خضور في مسلسل «شارع شيكاغو»، من أشخاص قبل أن يُعرض المسلسل بدليل أن لا قبلة بين الشخصيتين ذاتهما كما أوهم المخرج الجميع إن كان هو من أرشد لإعداد «بوستر» المسلسل، فالقبلة التي رأيناها في المسلسل هي على طريقة الأفلام المصرية في الستينيات، أوهمنا المخرج بزاوية التصوير وبـ«اللقطة العامة» بأنها قبلة من الشفاه بين الشخصيتين لكنها ليست كذلك، وإن كانت تلك الزوبعة التي قامت ضد المسلسل شبه مفتعلة لتسويقه، إلاّ أنها لم ترَ القبلة الحقيقية بين من ومن حدثت في المسلسل، ولم تذكر الحملة من هم أبطالها! ثم إن معظمنا شاهد مئات القبل في أفلام مصرية وسورية وأجنبية منذ السبعينيات، ولم تنحل مجتمعاتنا أخلاقياً، كما أنه على الرغم من اعتراض الناس في مصر بين حين وآخر على قبلات شاهدوها في هذا الفيلم أو ذاك، إلاّ أننا نزعم أن معظمها ترويجي ولا علاقة له بموقف حقيقي معارض من المجتمع، والدليل أن تلك الأفلام حققت مشاهدات وأرباحاً كثيرة، ولم تتم مقاطعة عرض فيلم بسبب القبلات التي فيه، ولا يعني كلامنا السابق الترويج والتشجيع على القبلات، إن لم تكن مسوغة درامياً لا ترويجياً، لكن القول إن الشارع السوري غاضب من أجل قبلة، فيه إجحاف بحق الفن السينمائي، سواء كان من يدّعي ذلك وسائل التواصل أم الإعلام عموماً، لعدم مصداقية الخبر.