بلا تربية فنية!

دعت إدارة المدرسة أولياء الطلاب إلى اجتماع طارئ للحديث عما يواجه أبناءهم من مشاكل تعليمية وكيفية تجاوزها.
بدأ الاجتماع ببادرة ظريفة بأن أجلسوا كل أب أو أم في مقعد الابن، وبعد المُقدِّمات والشروحات والتفنيدات، جاء دور الأهل في طرح آرائهم، ولكون صديقي، الذي يدفع دمّ قلبه من أجل تسجيل طفليه في هذه المدرسة الابتدائية الخاصة، أحد الأسماء اللامعة في الفن التشكيلي، قام بتنبيه الإدارة إلى عدم اهتمامهم بالفنون عموماً، ولا الاعتماد عليها في سبر أغوار الأطفال ومعرفة مشاكلهم الاجتماعية والنفسية، باعتبار التعبير الفني مرآة للنفس البشرية، وأنصع ما تكون لدى الطفل.
لكن المفاجئ أن إدارة المدرسة تجاهلت تماماً طَرْحَهُ، معتبرةً أن الرياضيات والعلوم واللُّغات هي الأولى بالاهتمام، وليس “خربشات الأطفال” وتلويناتهم، وما زاد في حنق صديقي، ليس فقط ازدراء رأيه، بل إن المُرشِدة النفسية التي من المفترض أن تُناصِرُه، قامت بالتغاضي عن مقترحاته، بما فيها تلك التي طرحها أثناء جولة في أروقة المدرسة ببنائها الجديد، بضرورة وجود لوحات أو منحوتات أو أي مُحرِّض جمالي له علاقة بالديكور أو الألوان، بحيث لا يشبه هذا البناء مؤسسة ، أو مبنى عام.
والأنكى من هذا وذاك بالنسبة لصديقي أن تبريرات الإدارة في تقصيرهم على كل المستويات، يتم بالاتكاء على جملة «نحن نسير وفق المناهج التي وضعتها وزارة التربية»، وكأننا لا نعلم جميعاً بوجود أخطاء في تلك المناهج، وعدم منهجيتها في كثير من الأحيان، وزد على ذلك أن تلك المناهج ليست مُنزّلة، ويفترض أن المدارس الخاصة هي الأقدر على ردم الفجوات الواسعة فيها، لكن على ما يبدو، حسبما يرى صديقي، أنه حتى لو كانت المدرسة من أعرق مدارس دمشق تاريخياً وثقافياً وعمرانياً، ولو أن اسمها مأخوذ عن مدينة فرنسية مدرجة على لائحة التراث العالمي وهي مقر ولادة “فيكتور هوجو”، إلا أن سيطرة “عقلية التَّردِّي” فيها وفي غيرها، آخذة بالاستشراء على حساب قيم الجَمال وبهاء المعرفة.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار