تابع العالم بقلق بالغ المفاوضات غير المباشرة بين طهران وواشنطن حول الملف النووي وسط تصريحات غربية لا تساعد على التفاؤل بالتوصل الى إحياء الاتفاق النووي الذي انسحبت منه إدارة ترامب من دون أي مبررات.
لقد كان من المفترض عودة واشنطن إلى الاتفاق في الجولات السابقة وقبيل انتخاب الرئيس الإيراني الجديد وذلك لأن الرئيس الأمريكي جو بايدن كان مقتنعاً بالخطأ الذي ارتكبته الإدارة الأمريكية السابقة بانسحابها من اتفاق تم التوصل إليه بعد مفاوضات شاقة في عام 2015 شاركت فيها دول «5 زائد 1»، وتم توثيق الاتفاق بقرار ملزم من مجلس الأمن، وكانت وعود العودة للاتفاق جزءاً من الدعاية الانتخابية للرئيس بايدن.
إن التوصل إلى إحياء الاتفاق النووي الإيراني ليس مسألة إيرانية- أمريكية وإنما بات مسألة دولية تعيد الاحترام إلى مجلس الأمن وقراراته، وتقلل من عوامل التوتر في المنطقة، وتسحب الذرائع من كل الدول التي تتاجر بأمن الخليج والملاحة الآمنة، وتعطي دفعاً جديداً لعودة العلاقات السعودية الخليجية مع إيران، وتسهم أيضاً في حلحلة المشكلات الدامية في اليمن وسورية والعراق ولبنان وغيرها.
إن التفاؤل الحذر بقرب عودة واشنطن إلى الاتفاق يرافقه المزيد من العويل والتشويش في واشنطن وفي بعض العواصم الغربية. وفي هذا السياق نذكر أن لجنة العلاقات الخارجية في الكونغرس الأمريكي تقدمت بمشروع لمعاقبة إيران يتعلق بالطائرات المسيّرة وحلف الناتو يجتمع لاتخاذ إجراءات عدائية ضد روسيا، بينما يصرح مسؤول بريطاني بأن روسيا والصين وإيران أعداء للغرب ويتصل وزير خارجية كيان العدو الإسرائيلي بالرئيس الفرنسي للحديث عن الخطر النووي الإيراني مع تصاعد التهديدات العدوانية ضد إيران، وهذا كله يشير إلى أن أمريكا وبالتنسيق مع حلفائها ترفع السقف قبل التوصل إلى الاتفاق مع أنها تعلم علم اليقين أن ذلك لن يتم إلا إذا رفعت كل العقوبات عن إيران، والقضية الأهم أن الغرب يحاول التأكيد أن الملف النووي الإيراني قد يؤجج الصراع ويقرب الصدام بين الغرب والشرق.
لقد أكد الإيرانيون أن برنامجهم النووي هو للأغراض السلمية، وأن مسؤولية الإخلال بالاتفاق تقع على أمريكا التي انسحبت منه، وأن العودة إليه لا تتطلب أكثر من رفع العقوبات، وبالتالي فإن فشل المفاوضات أو إفشالها هو مسؤولية أمريكية ولن تستطيع التصريحات الغربية ووسائل الإعلام المرتبطة بالمشروع الأمريكي الإسرائيلي أن تزوّر الحقائق التي باتت واضحة للجميع.