احتلفنا منذ فترة قريبة بالذكرى الستين لتأسيس المعهد العربي للموسيقى، والذي حمل اسم “معهد صلحي الوادي” تكريماً لمؤسسه، وصاحب البصمات الراسخة على أجيال من الموسيقيين السوريين، سواءً على صعيد تأمين أهم الأساتذة لهم بما في ذلك الخبراء الأجانب ضمن المعهد العربي وبعدها في المعهد العالي للموسيقا، أو إشراكهم في حفلات تصقل حضورهم، أو ترسيخ معارفهم الأكاديمية والعملية عبر ورشات محلية وإيفادات خارجية،… ولعل أهم صفات تمتَّع بها “الوادي” إضافة إلى معرفته الموسيقية العالية، هي الانضباط، والالتزام الأخلاقي، والرؤية الخلاقة.
وما دعاني إلى هذه المُقدِّمة هي الحال التي وصل إليها معهد صلحي الوادي في ستّينيته، فهل يُعقَل أن يمر شهر كامل من دون أن يأخذ الطُّلاب في إحدى السنوات أي درس الصولفيج، مع العلم أن دروسهم في هذه المادة أسبوعية، والسبب هو اعتذار الأستاذ الدائم لانشغاله إما ببروفات لحفلات ضمن دار الأوبرا أو بداعي السفر أو بذريعة المرض…؟ وهل من الجائز على أساتذة الآلة أن يُقلِّصوا تواجدهم في المعهد إلى يوم واحد في الأسبوع، ويُكدِّسوا طُلَّابهم فوق بعض؟ وفوق ذلك أن يعلم الطلاب باعتذار أستاذهم بعد وصولهم إلى المعهد، علماً أن كثيرين منهم يسكنون في الضواحي البعيدة.
وعند اعتراض بعض الأهالي على ما آل إليه وضع المعهد، وعدم التزام كثير من الأساتذة بدروسهم، ما أدى إلى حصول فاقد تعليمي كبير لدى لطلاب، وعن آلية التعويض، والكيفية التي سيتم بها امتحان أولادهم في ظل عدم تلقيهم للمعلومات المفترضة التي تؤهلهم ليترفعوا إلى سنة أعلى،… وغير ذلك العديد من الأسئلة التي لم تلق لها إجابة لدى إدارة المعهد، سوى التبرير بأن “راتب الأستاذ لا يكفيه أجرة مواصلات، وأنه إن غادر بعض الأساتذة المعهد، فإنه من الصعب إيجاد البديل، خاصة ما يتعلق ببعض الآلات”، لذلك لم يبق أمام الأهالي سوى أن يصرخوا “وا صلحياه”، مُتمنّين من وزارة الثقافة الإطلاع على هذا الواقع الذي لا يُرضي أحداً، والعمل على تحسينه.