ليس مستغرباً ما يحدث في أسواقنا المحلية من تجاوزات تطول في معظمها قوت المواطن اليومي من جهة, والاعتداء على المال العام الذي يؤمنها من جهة أخرى, طالما هناك فئة من التجار على اختلاف شرائحهم وتنوع مذاهبهم التجارية, إلى جانب معرفتهم كيفية التعامل بها واستغلالها وفق مصالحهم الخاصة, بالتعاون مع بعض ضعاف النفوس ممن يتعاملون ويتعاونون معهم من العاملين في المؤسسات العامة وغيرها ..؟
وبالتالي يبقى القانون السائد في ضبط هذه المعادلة (الرشوة) وما تحمله من أخلاق لا تتناسب مع حجم المسؤولية الوطنية في ظل ظروف صعبة, أنتجتها حرب السنوات الماضية وإرهابها وعصاباتها الإرهابية التي اعتدت على الأرض والبشر, وما يحدث في أسواقنا من اعتداءات على معيشة المواطن من قبل هؤلاء لا يقل خطورة عما يفعله أهل الحرب والإرهاب ..!؟
فبدلاً من الوقوف مع المواطن, وتأمين ما أمكن من مقومات صمود معيشته اليومية, سعوا إلى استغلال حاجته, مستغلين انشغال الدولة بمكافحة الإرهاب والعصابات التكفيرية, وليس هذا فحسب بل سعي بعض التجار لاستغلال المواسم الرئيسة من المزارعين وتخزينها بقصد الابتزاز والاستغلال وخاصة (القمح) وما أدراك ما يشكله من وسيلة ضغط , وابتزاز كبير لخزينة الدولة..!
والمشكلة الأخطر ما يحدث في الأسواق, وخاصة أسواق الهال وتجاوزاتهم ليس التجارية فحسب, بل حالة الأخلاق التي افتقدها الكثير من التجار والعاملين فيها, وعدم التزامهم, بأصول التجارة , وحتى عدم شعورهم بأدنى درجات الرحمة والرأفة بالمواطن في ظل ظروف الحرب المتنوعة الوسائل, فبدلاً من المساعدة كان الابتزاز, ومشاريع السقوط في حسابات الربح الفاحش ..؟
وهنا لا نريد تغييب الأجهزة الحكومية في مكافحة ذلك, بل نؤكد على استنفارها, وتوفير أسباب المكافحة وفق القوانين النافذة , ولاسيما الرقابة التموينية وما تسمى بحماية المستهلك, لكن هذا الاستنفار لم يكن بالمستوى المطلوب, لأسباب مختلفة أهمها ضعف الإمكانات المادية والبشرية وحتى الفنية المساعدة للعمل الرقابي, وتفعيله بشكل يحقق الغاية والهدف, والأهم في حالة الضعف لثقافة الشكوى لدى المواطن لم تتغير مازالت تحمل طابع الرأفة مع عبارة (منه لله)..!!
ما نريده تغيير هذا النمط من الشكوى, وقبلها رقابة صارمة تغلّفها حكمة الأخلاق, وشفافية القانون.. فهل نشهد ذلك عن قريب في ظل تحولات رقابية لا تدعو لكثير من التفاؤل .!؟
Issa.samy68@gmail.com