تتوالى التصريحات والتلميحات حول ضرورة عودة سورية إلى الجامعة العربية وحول تغاضي بعض الدول العربية عن التقيد بتنفيذ العقوبات الظالمة التي فرضتها الإدارة الأمريكية السابقة تحت ما يسمى قانون (قيصر) والذي لم يكن يستهدف الشعب السوري فقط، وإنما يستهدف شعوب المنطقة بالكامل اقتصادياً وسياسياً وأمنياً، لأن حالة القطيعة التي أرادت إدارة ترامب فرضها على سورية حولت دول الإقليم إلى جزر معزولة تدفع ثمناً باهظاً من دون أن تجني من ذلك الانصياع للرغبات الأمريكية المشبوهة أي فائدة تذكر.
إن عودة العرب إلى سورية هي حاجة سياسية واقتصادية وأمنية لمن يسعى للعودة كما هي مصلحة لسورية التي كانت دائماً وأبداً العمق الإستراتيجي لدول الجوار والإقليم بما تمثله من موقع جغرافي يعتبر صلة الوصل بين سواحل المتوسط وبين العراق والسعودية ودول الخليج وصلة الوصل البرية بين أوروبا وتركيا إلى الجنوب كما أن الأجواء السورية ليست أقل أهمية لحركة النقل الجوي وكانت سياسة التشبيك والتعاون التي بنتها الدولة السورية تزيد من تلك الأهمية.
وبالتالي فإن الدولة السورية التي حاربت الإرهاب نيابة عن العالم وانتصرت عليه تتسامى فوق الجراح وتستقبل الأيادي الممدودة التي تحاول التكفير عن ارتهانها للمشروع الأمريكي الذي كان يهدف لتمزيق سورية بين أيادي إرهابيي العالم مع علمها المسبق بانعكاسات ذلك (السلبية) على دول الإقليم بما في ذلك الدول التي مولت الإرهابيين ودعمتهم بالمال والسلاح والتي دفعت وتدفع جزاء ما اقترفت أيديها.
إن عودة العرب إلى سورية هي بداية التكفير عن الأخطاء القاتلة التي أثرت على الجميع ولو بدرجات متفاوتة وهي انعكاس لفشل السياسات الأمريكية التي حاولت نشر الإرهاب والخراب مستخدمة أجساد شعوب المنطقة وإمكاناتها الاقتصادية وقوداً لحرب ظالمة يبدو أن الجميع يحاول الخروج من أتونها.