بانتظار التباشير ..!

قصة «الفساد» هي حكاية كل يوم , وحديث كل ساعة و هي على لسان الجميع, يكاد لا يمر يوم إلا وفيه فساد هنا وسرقة هناك , معظمها مال عام , وأخطرها فساد الإجراءات ودهاليزها التي تسخّر لخدمة أهل الفساد والمشكلة أنهم شرعنوها تحت محكومية ضغط معيشة المواطن على اختلاف شرائحه, مستغلين ظروف الحرب وويلاتها, ونقص المواد وصعوبة توفير بدائلها.. من دون أن ننسى الجهود الرقابية في المكافحة والمحاولات المتكررة في القضاء على مظاهره, لكن الظروف وطبيعة كل مرحلة تتحكم بنوعية المكافحة , وغالباً ما نشهد فيها تراجعاً في الأداء وخاصة لدى الجهات العامة ..!
وبالتالي هذا التراجع يكون على حساب المواطن ومعيشته ليس في الظروف الراهنة فحسب وإنما منذ عقود مضت لأن شعار مكافحة الفساد والقضاء عليه كانا في مقدمة أولويات العمل طوال السنوات السابقة, إلا أن ترجمة ذلك على أرض الواقع كان في الحدود الدنيا بسبب ارتباط المكافحة بمصالح شخصية ومنفعة مادية يستفيد منها أهل الفساد والمفسدون في جميع القطاعات الإدارية من مسؤولين وموظفين على اختلاف مستوياتهم مشرعنين ذلك تحت مقولة ضغط الحاجة وظروف معيشية صعبة.. وهذا شعار كل فاسد مهما كان وضعه المادي, الأمر الذي أدى الى ضياع مليارات الليرات, مقابل فتات الملايين لحفنة من الفاسدين في الإجراء والروتين والمال، وحتى هذا التاريخ مازلنا نشهد فصول ذلك مستغلين انشغال الدولة في مكافحة الإرهاب, والهروب من آثار العقوبات الظالمة وتخفيفها عن المواطن بالدرجة الأولى ..!
ونحن لا ننفي وجود رقابة, ولكن حجمها أمام حجم الفساد صغير جداً و عملها محكوم بالبطء الشديد, وذلك لعرقلة الفئات المذكورة وتضارب مصالحها, إضافة لاعتماد أسلوب الرقابة اللاحقة وترك الآخرين يغوصون بمتاهات الأخطاء المقصودة أو من دونها واستثمارها للنهب والسرقة, وتوسيع دائرة الفساد.. عندها لا تنفع رقابة ولا حزم يذكر لأسباب معروفة مسبقاً لا تحمل الكثير من التفسيرات والتوضيحات التي في معظمها تنطوي تحت ضغط المعيشة اليومية التي شرعنت في أوجهها المختلفة حالات الفساد والتي غرقت فيها كل مفاصل العمل اليومي, وحلُّ هذه المعضلة لن يكون إلا بتحسن مستوى المعيشة وتوفير مكونات ديمومتها, هذا ما سيتضح من خلال مفاجآت العمل الحكومي خلال المرحلة المقبلة, ونحن كمواطنين بانتظار تباشير هذا العمل ..؟!
Issa.samy68@gmail.com

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار