لصوص الخدمات
ليس بخافٍ على أحد تراجع مستوى الخدمات بسبب تضرر بنيتها خلال الحرب الظالمة على بلدنا، كما لا تغيب مطالب الأهالي بضرورة النهوض بها، وهو ما استدعى ولا يزال تكريس الجهات ذات العلاقة كل طاقاتها لتأهيل تلك البنية وتأمين الخدمات للسكان.
العقبة الكأداء التي كنا أشرنا إليها في وقت سابق على هذا الصعيد تتمثل بالسرقات, والتي استدعى الحديث عنها مرة أخرى تفاقمها بشكل كبير مؤخراً، حيث لا يتوانى ضعاف النفوس في مختلف المدن والبلدات عن إبطال مفعول تلك الخدمات الحيوية وحرمان السكان منها من خلال نهب تجهيزاتها.
فكثيراً ما تتم سرقة محولات كهربائية خاصة بتشغيل الآبار ما يحرم أحياء بأكملها من مياه الشرب ويدفع السكان لشرائها من الصهاريج الجوالة بأسعار باهظة، كذلك لا تمرّ بضعة أيام إلا وتدور أحاديث عن سرقة كابلات ربط محولات الكهرباء الخاصة بتغذية التجمعات السكانية. وحتى تلك الواصلة للمشافي والمراكز الصحية والنقاط الطبية والمدارس وغيرها من الجهات الخدمية لم تسلم من السرقة بشكل يعطل خدماتها للأهالي، كذلك الأمر على صعيد الاتصالات حيث تتكرر سرقة كابلاتها من تحت الأرض متسببةً بإخراج مراكز هاتفية بالكامل من الخدمة، وهناك تعديات أخرى بنهب مكونات مجموعات ضخ الصرف الصحي أو تجهيزات تشغيلها بالطاقة الشمسية، ما يخلف مستنقعات آسنة في المحيط السكني والأراضي الزراعية تضر بصحة البشر وكل مكونات البيئة، حتى رسالة التعليم التي تقدمها المدارس العامة لكل أبناء السكان لم تشفع لتحييد أثاثها ومازوت تدفئة طلابها عن تلك السرقات.
إن تكرار هذه الظاهرة البشعة واتساعها وعدم التمكن من ردعها أوقع الجهات ذات العلاقة بمعضلة كبيرة إزاء كيفية التعامل معها.. فهي من جهة لا يمكنها ترك الأهالي بلا خدمات، ومن جهة أخرى غير قادرة على تعويض ما يسرق بشكل متكرر في ظل شح الموارد والتجهيزات والمعدات.
وهنا تطفو للسطح وبقوة مسؤولية المجتمع المحلي، فكما يأتي الوجهاء على رأس وفود لمقرّ المحافظة طلباً للخدمات, عليهم الإسهام والمساعدة بالحفاظ على تجهيزاتها من خلال التوعية بأهميتها ووضع حدّ لكل من تسول له نفسه التعدي عليها، وإلا فلن يستمر بعد حين عمل العديد من تلك الخدمات, فهل من صحوة مجتمعية وتعاون مع الجهات المختصة لمحاصرة ما يحدث.. أم سيبقى الصمت والتستر حيال الفاعلين سيد الموقف؟.