وضع الكيان الإسرائيلي بعدوانه على المنظمات الدولية والصحية في فلسطين ولبنان، المجتمع الدولي أمام اختبار فاعليته في حماية مؤسساته وأبسط قواعد حماية المنظمات الصحية، حيث وضعه على مفترقات قد تُسيد شريعة الغاب في العلاقات الدولية بعد التقدم المخجل باتجاه عالم أكثر عدالة.
الكيان الإسرائيلي المغطى بـ«فيتو» أميركي وبتواطؤ من معظم حكومات أوروبا، لا يبالي بأي انتقاد لجرائمه بحق المنظمات الدولية، وانتهاكه حرمتها أمام أنظار العالم، وخاصة تلك التي تعد محمية بالقانون الدولي وهي ذات طبيعة مدنية.
اعتبار «إسرائيل» المنظمات الصحية في فلسطين ولبنان أهدافاً عسكرية ينم عن غطرسة بلا حدود، وهو امتحان سقط بموجبه العالم الغربي، الذي انتقدت بعض حكوماته بخجل «التعسف» الإسرائيلي، فما يقرب من عام على مجزرة مستشفى المعمداني، والمجتمع الدولي لم يحرك ساكناً، ما منح الكيان الإسرائيلي بطاقة مرور بجرائمه، في سابقة لصمت دولي عن مصير منظمات مدنية إنسانية، يفترض أنها محمية بموجب القانون الدولي، الذي وضعه الغرب، وصدّقت عليه بقية دول العالم.
لا يمكن تجاهل ازدواجية المعايير من ذلك العالم الغربي، الذي يقصفنا طوال الوقت بـ«حريته وديمقراطيته»، ولأن الشيء بالشيء يذكر فلابد هنا من تذكيره بأنه عند قصف مجمعات للإرهابيين تابعة للقاعدة و«جبهة النصرة» وهيئاته وغيرها في سورية، كان يقرر الاجتماع بسرعة ويبدأ بالتلويح بالفصل السابع، بينما منظمات صحية من مستشفيات وكوادر إسعافية تُقصف وتُدمر وتُلاحق بصورة دائمة، لا تحتاج بتقدير مسؤوليه لأي اجتماع ودعوة إلى «القلق» على ما وصلت إليه أداته الإجرامية من قتل وتنكيل وتدمير في فلسطين ولبنان.
من المهم أن يتذكر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، ويذكّر رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، ألا ينسى أن «إسرائيل» أنشئت بقرار من الأمم المتحدة، أي بقرار دولي وليس بالاستناد إلى واقع طبيعي وتاريخي، وذكر فضائل تلك المنظمات على «إسرائيل» التي تهاجم منها المنظمات الدولية.
هذه المنظمات التي تتمسك بها دول العالم النامي، أكثر من الدول التي أسستها وفرضت بعضها على العالم، هي ضرورية على أقله لعدم عودة شريعة الغاب في العلاقات الدولية، لاسيما في حالات الصراعات والنزاعات بغضّ النظر عن ازدواجية معاييرها وخاصة تجاه عالم الجنوب.
إسقاط «إسرائيل» المنظمات والقوانين الدولية، هو سابقة قد تؤدي إلى عالم منفلت، رغم عدم عدالتها في العقود السابقة، لكنها تبقى أفضل من شريعة الغاب والاستعمار.
راتب شاهين
1 المشاركات