القمة الأوربية- الأمريكية الحالية ومشروع الشرق الأوسط؟!
تركز القمة الحالية (الأمريكية – الأوربية) المنعقدة في ألمانيا، بتاريخ 19/10/2024 على الوضع السياسي والاقتصادي العالمي في ظل أجواء تسيطر عليها حالة عدم اليقين الجيوسياسية والاقتصادية والسياسية، وخاصة في ظل تراجع معدل النمو الاقتصادي العالمي والحرب في (الشرق الأوسط) والعملية الروسية الخاصة في أوكرانيا، ويحضر القادة الغربيون من الرئيس الأمريكي والفرنسي والمستشار الألماني ورئيس وزراء بريطانيا، وستتغيب رئيسة وزراء إيطاليا (جورجيا ميلوني)، وهي حالياً في لبنان وستزور بعض دول المنطقة، وصرحت بأن زيارتها تشكل أولوية بالنسبة لها ولإيطاليا؟، وخاصة بعد الاعتداء الإسرائيلي على قوات (اليونيفيل) وتلتقي مع رئيس الكتيبة الإيطالية في اليونيفيل، وترك غياب ميلوني تداعياته السلبية على الاجتماع، لأن إيطاليا هي رئيسة مجموعة الدول السبع الصناعية حالياً، والتي تضم كلاً من: أمريكا– ألمانيا– فرنسا– بريطانيا – اليابان– كندا- إيطاليا.
سيتم تركيز الرئيس الأمريكي الذي تنتهي ولايته بعد حوالي /2/ أسبوع مع الرؤساء الأوروبيين على تطور الأوضاع في الشرق الأوسط وأوكرانيا، وتأتي أهمية القمة بعد التصريحات المتناقضة للرئيس الفرنسي (ماكرون) وإهانته من قبل (نتنياهو)، وتجدر الإشارة إلى أن مصطلح (الشرق الأوسط) غير محدد بشكل دقيق بالمعنى الجغرافي إلا إذا كان يقصد به الدول العربية، أو منطقة غرب آسيا من دون منطقة (القوقاز)، وبعض الأدبيات الاقتصادية تتكلم عن (الشرق الأوسط وشمال إفريقيا)، وحسب المفوضية السامية لحقوق الإنسان في (جنيف) بأن الشرق الأوسط هو المنطقة الممتدة من جنوب غرب آسيا إلى شمال إفريقيا ومن دون حدود جغرافية، واستخدم منذ القرن التاسع عشر لكي يتم تمييز المنطقة عن (الهند والشرق الأقصى والأدنى)، أي إن الشرق الأوسط يضم: الجزائر والبحرين ومصر وإيران والعراق وسورية و”إسرائيل” والأردن والكويت ولبنان وليبيا والمغرب وعمان والأراضي الفلسطينية المحتلة وقطر والمملكة العربية السعودية.
ومهما اختلفت المعالم الجغرافية للشرق الأوسط وفق ما ورد أعلاه إلا أن هذه المناطق ذات أهمية اقتصادية كبيرة ففيها تتمركز أغلب الموارد الاقتصادية، فمثلاً حوالي /64%/ من احتياطيات النفط العالمية وأغلب دول أوبك بلاس وأكثر من /40%/ من احتياطيات الغاز وخطوط نقل الطاقة والثروات المعدنية وطرق النقل البرية والجوية والبحرية وأغلب المشاريع الاقتصادية العالمية الكبرى مثل: طريق الحرير الصيني وممر الشمال الجنوب الروسي والممر الهندي الأوروبي وصلة وصل بين القارات الثلاث (آسيا وإفريقيا وأوروبا).
ورغم الكتابات الكثيرة عن الشرق الأوسط سواء (الجديد أم الكبير)، فإنه مصطلح غير محدد، وتحديده يرتبط بمصالح الجهات المعتمدة له، لكنه يبقى هدفاً للتحالف (الصهيو-غربي)، وتجسد هذا عند رئيس وزراء الكيان الصهيوني السابق (شيمون بيريز) بكتابه الشرق الأوسط الجديد سنة /1996/ وقصد به المنطقة العربية وكان هدفه تكوين خرائط جغرافية جديدة وإدخال الكيان الصهيوني فيها، وطالب بإلغاء جامعة الدول العربية ليحلّ محلها (جامعة الشرق الأوسط)، وبنظرة عنصرية قال: إن هذه المنطقة يمكن تطويرها من خلال (العبقرية اليهودية ورأس المال العربي السائب واليد العربية الرخيصة)؟!.
وتحدث عن الشرق الأوسط الكبير كل من الرئيس الأمريكي جورج بوش الابن سنة 2002 ووزيرة الخارجية الأمريكية كوندولايزا رايس سنة /2006 / بعد العدوان الصهيوني على لبنان، وأكدت أن حرب تموز ستؤدي إلى ولادة قاسية لشرق أوسط جديد، وأعلن رئيس وزراء الكيان الصهيوني (بنيامين نتنياهو) بقوله [بأن معركة الجيش الإسرائيلي ضد قطاع غزة سوف تغير وجه الشرق الأوسط]، وبشكل عام فإن هذا المصطلح ظهر في المملكة المتحدة البريطانية عندما قسمت الشرق إلى (أدنى وأوسط وأقصى) حسب القرب والبعد عن العاصمة (لندن)، ومؤخراً أكد موقع (ميدل إيست أي) البريطاني بأن منطقة الشرق الأوسط ستتحدد بشكل أكثر دقة بالاعتماد على: نتائج الحرب الإسرائيلية على غزة ولبنان– نتائج التحولات الجيوسياسية والاقتصادية والمشاكل الدولية. فهل تبقى دول العالم والمنطقة مترددة وخائفة من التمدد الصهيو- أمريكي الغربي، وعندها سنتذكر الحكاية العربية التي تقول” (أكلت يوم أكل الثور الأبيض) وجوهرها أن ثلاثة /3/ ثيران (أبيض وأحمر وأسود) تعيش في غابة وفجأة أتى وحش مفترس، وأراد التهام أحدهم، فتصدوا له ولم يستطع تنفيذ شهواته، فمال إلى الخداع والحيلة وعقد اتفاق مع الثورين ( الأسود والأحمر) بأن يسمحا له بقتل الثور الأبيض لأن لونه أفضل ويتميز عنهما، فوافقا، وبعد فترة توجه نحو الثور الأسود ليحرضه على الأحمر فصرخ الثور الأحمر أكلت يوم أكل الثور الأبيض، وهكذا استطاع أن يأكل الثيران الثلاثة، هذا هو تاريخ الغرب الاستعماري، فهل تتعظ دول المنطقة والعالم؟!.