هواء «إيجابي»

«ربما يأتي يوم يسمح للمواطن باستنشاق كمية محددة من الهواء بعد إضافته على البطاقة الذكية..» هذه بعض من كلمات ساخرة رداً على تحديد حصة المواطن من الزيت بليتر «إيجابي» واحد من صالات “السورية للتجارة”، بعد هرج ومرج كثيرين من جراء مبيع هذا المنتج الأساسي بسعر مرتفع وسط تباهي وزارة التجارة الداخلية بتدخلها لإيقاف بورصة الزيت المتصاعدة وكسر احتكارها من حيتان الاستيراد، لتكن النتيجة بعد كل هذا الصخب غير مرضية بسبب ضعف قدرة المواطن الشرائية وعجز المعنيين عن إيجاد حلول نافعة لتشغيل معامل الزيوت بطاقة إنتاجية مقبولة تضمن فك “حصار” حيتان الاستيراد وتسعيرتهم الإجبارية.
غلاء سعر الزيوت النباتية وإبقاؤها تحت الأضواء والجدل المستمر وخاصة بعد خروجها من حسابات مواطنين كثر بسبب تسعيرتها المرتفعة مقارنة بالأجر الشهري، يشير إلى خللٍ كبيرٍ في آليات تسعيرها واستيرادها الذي كان محصوراً بقلة من التجار يفرضون شروطهم وأسعارهم بلا مقدرة على تصويب الخطأ ومنع جور احتكارهم باستثناء محاولة التجارة الداخلية الخجولة مؤخراً وتفتق قريحة مسؤوليها عن ابتكار إضافة الزيت على البطاقة الذكية، متجاهلين المشكلة الفعلية في أزمة الزيت المتمثلة بدعم المستوردات وتجاهل اتخاذ خطوات فاعلة تدعم الإنتاج والتوجه نحو زراعة المنتجات الأولية لتصنيع الزيوت بعد استرجاع النسبة العظمى من الأراضي الصالحة للزراعة وإيجاد طرق معينة لدعم فلاحيها، والاتجاه تالياً نحو تشغيل معامل الزيوت بطاقة إنتاجية معقولة بعد إعادة ترميمها على نحو يضمن تأمين منتجات الزيوت بكميات كبيرة وأسعار مقبولة تناسب جيوب المواطنين، وهذا ليس بمستحيل، فجميع مقومات العمل متوافرة إذا حضرت الإرادة الجادة من دون فرملتها بفعل مال المحتكرين والفاسدين الذين يعطلون أي حلول نافعة تضمن وضع سياسة دعم الإنتاج الزراعي والصناعي على سكته الصحيحة.
طرح الزيت الإيجابي لن يسهم في توفير هذه السلع الأساسية للأسر الفقيرة من دون معاناة وحسابات مطولة، ولن تنفع تباهي الوزارة بإنجازها المتواضع في تغير هذه الحقيقة، لذا المطلوب العمل من أجل إخراج هذا المنتج وغيره من قائمة التداول في البورصة المتصاعدة، و تحسين مستوى الأجور الشهرية المتآكلة مع اتخاذ قرارات جريئة ومستعجلة تدعم الإنتاج الزراعي والصناعي وخاصة لسلع بالإمكان الاستغناء عن استيرادها واستبدالها بمنتج محلي يزرع في أرضنا ويصنع في معامل أثبتت قدرتها على إنتاج سلع جيدة السعر والمواصفة، فهل سيتجه صناع القرار صوب هذا الحل النافع بوصفته المعروفة أم إن المستوردين الكبار سينجحون كالعادة في إدارة الدفة حسب شروطهم المتناقضة مع مصالح المواطن والخزينة ..عندها لن يكون لنا ملجأ سوى زيت «التموين» الإيجابي؟.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار