إشارات
1
كلما رحل مبدع في أي بلد عربي، يسارع الكثير من الكتّاب والصحفيين إلى نعي هذا المبدع أو ذاك، وهذا واجب إنساني ومهني وأخلاقي، لكن ثمة ما هو مكرر على صفحات التواصل الاجتماعي إذ تتم الإشارة إلى أن المبدع الذي رحل لم يلقَ تكريماً لائقاً به، وأننا أمة لا تقدر مبدعيها. صحيح أن فكرة التكريم لأي مبدع فكرة ضرورية لتحفيز المبدعين، لكن من ينذر نفسه لفن ما، يفترض أنه لم يفعل ذلك لأجل تكريمٍ، يناله في يوم من الأيام كما أن التكريم مستويات، ولذلك نجد أن معظم الذين يطالبون بتكريمهم قد نالوا أكثر من تكريم خلال تجربتهم الإبداعية، فكم مرة يجب أن يكرم المبدع حتى نكف عن المطالبة بتكريمه؟ ولن نغفل أن بعضهم لم ينل تكريماً بأدنى مستوى، فهؤلاء إن طالبنا بتكريمهم أو تحسرنا على رحيلهم قبل أن تلتفت هيئة ثقافية ما إلى تكريمهم نكون قد قاربنا الموضوعية، ونأينا عن الثرثرة والتكرار الممل.
2
عندما يكتب أي ناقد محللاً مقومات فن ما، كمحاولة للارتقاء بذوق المتلقين لهذا الفن أو ذاك، لا يسمى تحليله «وصايةً»، لأنه من الطبيعي أن يعرف كناقد موسيقي أو مسرحي، أكثر من المتلقين لهذين الفنين، كما لا يمكننا أن نسمي أي كتابة تقارب أي عمل فني وفق مرجعيتها وثقافتها «رعاية نخبوية» وإلاّ لكان الأشخاص المنتجون لهذا الفن أو ذاك، في منأى عن متابعة النقّاد وما يكتبونه عن فنهم، كمحاولة منهم للارتقاء بتجاربهم في ضوء ما يكتب عنها، فما بالنا بمن لا خبرة لديهم أو مجرد متلقين شغوفين بفن من الفنون.
3
كثيرة هي التعليقات على صفحات «الفيسبوك» التي تُعنى بالممثلات والممثلين وبالفن عموماً، التي لا تدل على وعي واحترام الآخرين، بل هي تصنف في خانة «التنمّر»، واللافت للنظر أن « آدمن» تلك الصفحات نادراً ما يحذف تعليقاتهم، ويوجّههم بضرورة احترام الآخرين، ما يعني أن هذه الصفحات لا تزال تعاني فقدانها لضوابط أخلاقية برغم بعض الخدمات الفنية التي تقدمها من أخبار وترويج، كما أن ردود الفنانات والفنانين أحياناً تأتي من نفس الخانة، فنادراً ما نقرأ رداً بشكل جميل ومنطقي وإنساني، كما فعلت إحدى الممثلات التي وجهت لمن تنمّر عليها بالقول «اللي بيسمعك بيفكرك شي حدا كبير»، فردت عليه « نعم هي الحقيقة أنا شي كبير وقيمتي كبيرة، وأنت أيضاً شي كبير وقيمتك كبيرة، وكل إنسان في الأرض خلق عزيزاً وحراً وذا قيمة لكن الفرق أن البعض ما اكتشفوا قيمتهم».