ما يحدث في أسواقنا من أزمات أقل ما نسميها «خانقة» وخاصة على صعيد المواد الأساسية للمواطن وطريقة تأمينها, وحمايتها ووصولها بالصورة المطلوبة, وغيرها من المشكلات التي تحمل الصفة والنوعية ذاتها في التأثير, يؤكد أن “تجارتنا الداخلية” أو ما كانت تسمى «التموين» ليست بخير, وهذا بدوره يحمل الكثير من المؤشرات الخطيرة على الواقع الاقتصادي أولاً ومعيشة المواطنين ثانياً ..!؟
وخاصة أننا نعيش حالة اقتصادية صعبة على المستويين الداخلي والخارجي, تكمن في تأمين أبسط مستلزماتها جراء الحرب الإرهابية والإجراءات القسرية أحادية الجانب المفروضة على بلدنا, وهذا الأمر كان السبب الأساس أمام تراجع تجارتنا عن ممارسة دورها في الحماية وتأمين المستلزمات, إلى جانب أسباب ذاتية لا تقل خطورة عما ذكرناه, أهمها الترهل في الأداء, وحالة الفساد لمعظم جهازها الرقابي والإداري ..!
وبالتالي هذا الأمر يشكل تحدياً كبيراً أمام الوزارة بكل مكوناتها لتجاوز متطلبات المرحلة الحالية والمقبلة, وتحقيق الأهداف التي تسعى لإنجازها والغايات المرجوة التحقيق في الوصول إلى سوق تجارية داخلية منظمة وفعالة يسودها الاستقرار والمنافسة الشريفة, وخالية تماماً من الاحتكار, وتكون ضامناً حقيقياً لحقوق المستهلكين والمنتجين على السواء, إلى جانب توفير أفضل الخدمات الأساسية والسلع بأنسب الأسعار…
لكن ما يحدث حالياً على أرض الواقع لا يتطابق مع ذلك من حيث المضمون, ولا حتى الشكل, لأن معظم القرارات التي تصدرها الوزارة لضبط السوق تعطي نتائج عكسية, وغالباً ما تكون على مبدأ: (كلمة حق يراد بها باطل) بدليل: رغيف الخبز نظمت على البطاقة يقال عنها «ذكية» بقصد ضبط الهدر وتصويب الدعم ومنع المتاجرة به, وما حصل سوقٌ أوسع للمتاجرة وباعةٌ جوالون أكثر ..!؟
والحال ذاته في موضوع المحروقات (مازوت – غاز – بنزين ) وأسعارها المتعددة والتي شكلت سوقاً سوداء أكثر شطارة من قبل, المتاجرون بها كثر وأسعارها ارتفعت لعدة أضعاف, والخاسر الوحيد في كل ذلك شريحة الدخل المحدود..!
وبالتالي أمام كل ذلك نرى أن تجارتنا الداخلية خرجت بالمطلق عن أهدافها, ما يؤكد وجود خلل كبير في طريقة التعاطي مع المستجدات اليومية, وحتى في الآلية التي تحكم فيها أدواتها لضبط السوق التي تشهد فلتاناً كبيراً في الأسعار, واحتكاراً أكبر للمنتجات, ومتاجرة واضحة في المواد المدعومة, وغير ذلك من مؤشرات التراجع …!
فأي خير فيه تمويننا، فهو بحاجة لغرفة إنعاش, وقبلها غرفة عمليات لاستئصال أورامها الخبيثة, فهل سنشهد ذلك عن قريب..!؟