ماذا بعد؟
لم تعد التبريرات التي تساق تجاه أي زيادة في أسعار حوامل الطاقة كالغاز والكهرباء والنقل وما سبقها وغيرها، وتداعياتها المختلفة على أكثر من صعيد، يمكن هضمها تحت أي حجة، كما يراها أصحاب القرار، من أنها لا تمس شريحة الموظفين المكتوين بنار أي زيادة، لأنها تمتص جيوبهم التي لم تعد قادرة على تأمين المستلزمات الأساسية في حياتهم اليومية.
صحيح أن ظروف الحرب على الوطن كان لها مفعولها المؤكد في الحاضر الاقتصادي على أكثر من صعيد، لكن المتاح لدينا من مقومات يجعل الكثير من المتابعين يقولون صراحة: لماذا كلما اشتد ألم الحصار الاقتصادي الغربي علينا لا يكون الملاذ الحقيقي من قبل الفريق الاقتصادي، إلا جيوبنا نحن الموظفين المفلسة في الأساس، وتكون بعيدة عن الواقع المعاش، وحينها تزيد الأعباء لدينا لتنعكس مزيداً من الأسى والبؤس والقنوط لهذه الشريحة، التي كانت وما زالت تقف مع الوطن في كل المحن، ودفعت الثمن غالياً في التصدي لقوى البغي والعدوان على أكثر من صعيد، بدءاً من فلذات أكبادها مروراً بالواقع المعاش، الذي يتطلب تحسيناً للأجور والرواتب بشكل مجزٍ، وهذا لن يتحقق إلا من خلال تطوير الإنتاج الزراعي والصناعي، ومكافحة التهريب والتهرب الضريبي، والفساد والمفسدين، بغية تأمين المنتجات والسلع، لتكون في متناول المواطنين ممن لم تعد جيوبهم تحتمل أي هزة جديدة.
إن الشعور العام بأن جيوبنا هي الأكثر التزاماً بدفع الضرائب وتحمل الأعباء وهذه حقيقة، يدفع الجميع للمطالبة مجدداً بتحسين الرواتب والأجور، ولسان حالهم يقول: الوفورات المتحققة من الزيادات الأخيرة على أكثر من صعيد كفيلة بسد هذا الجانب، مذكرين بالمثل العامي” من دهنو سقيلو” وإن كنا لا نريد هذا الجانب أن يطغى على تفكيرنا، لأننا بما نملك من قدرات خلاقة لشعبنا قادرة على تجاوز تلك الصعاب فيما لو تجاوب المعنيون، وفي قطاعات مهمة أقلها الكهرباء، مع الحلول المطروحة، فمن كان لديه الحل للكهرباء، وبدأ بمشروع مصغر كنموذج للحل بالتعاون مع مركز البحوث العلمية في حلب قبل الحرب على سورية، لم يستكمل ولم يقدم له أي مبرر للمتابعة مجدداً، مع إن صاحب براءة الاختراع حتى هذه اللحظة كما علمنا لم يسأله أحد مجدداً عما وصل إليه في ذاك الوقت، وتوقف نتيجة الحرب على الوطن.
باختصار؛ أي زيادات لا ترتبط بتحسين الوضع المعيشي تبقى غير ملبية للطموح، وتحذير بعض النفوس” من “العبث بقوت المواطن” يبقى حبراً على الورق إذا لم تتوافر الآليات الرادعة والحاسمة في لجم الفاسدين والمفسدين، ومقولة إعادة توزيع الدعم لمستحقيه باتت أسطوانة مشروخة.