«سقف راتب الموظف لا يتعدى 150 ألف ليرة بينما يحتاج مليون ليرة لتأمين معيشته» .. هذه المعادلة «المعجزة» حيّرت أكثر خبراء الاقتصاد «فطحلة» وخاصة في ظل اعتماد «الرسميين» على هذا الراتب القزم في حلحلة أزمات شائكة وليدة التقصير، وإشاحة النظر نحو خيارات أكثر فعالية لخروج آمن من مطبات التأزيم المعيشي، الذي يعد أهم أسبابه الجنوح إلى جباية الأموال السريعة عبر رفع أسعار السلع المدعومة وتجاهل سياسة تفعيل ودعم الإنتاج، السبيل الوحيد للخلاص من فخ التردي المعيشي.
فك شيفرة مقدرة المواطن على التعايش «المجبر» مع اختلال التوازن بين الدخل الشهري الضحل ومتطلبات المعيشة الكبيرة، لا يحتاج إلى «صفنة»…فالحال أصبح مكشوفاً بعد أن سقطت جميع تدابيره التقشفية أمام غول الغلاء الذي أطاح بقوته الشرائية الضعيفة أصلاً، ليبقى في مأمن من تدفأت جيوبه بحوالات أهله في المغترب، ومن يعرف من أين تؤكل الكتف بعد ما أصبح باب الفساد مشرّعاً لتأمين مصادر دخل جديدة تعوض ضعف الراتب، بعد التسارع المخيف في دخول قائمة الفقراء على نحو ينذر بعواقب اقتصادية واجتماعية بدأت تظهر آثارها الخطيرة ، فهل مثلاً انتهت حلول الأرض وعجزت قريحة صناع القرار عن إنتاج حلول نافعة بعيداً عن قروش الراتب وسط رسم علامات الاستغراب والاستفهام حول الإفراط في دلال أهل التجارة والإبقاء على كل مظاهر الترف السابقة في وقت يعاني المواطنون الأمرّين ولماذا لا تستثمر إمكانات الاقتصاد في قطاعاته المختلفة، التي تخفف الصعوبات المعيشية في حال استثمارها بطرق مجدية وتحديداً في المجال الزراعي والصناعي.
صراخ المواطن الصريح للتعبير عن معاناته الشديدة بوجه قرارات التأزيم المعيشي يعد مؤشراً كافياً لعدم مقدرته على تحمل مزيد من القرارات الخاطئة، وهذا يحتاج دق ناقوس الخطر مع وقفة متأنية لما آل عليه الحال وليس غض النظر عن مضامينها كالعادة والاتجاه صوب تداركها بأسرع وقت ممكن حتى لا يحصل ما لا تحمد عقباه، عبر تحسين فوري للوضع المعيشي بزيادة رواتب مجزية تضمن شراء المواطن احتياجاته من دون حسابات مطولة توجع الرأس والقلب، وتفعيل جدي لسياسة دعم الإنتاج بغية إيجاد موارد جيدة تحرك الدماء في عروق اقتصادنا المنكمش وجيوبنا المعدومة عوضاً عن شفط ما تبقى من راتب بقرارات ترفيعية يدرك مصدِّروها في قرارة أنفسهم أنها لن تزيد الواقع المعيشي إلا سوءاً .. والسؤال المشروع : إلى متى هذا الوضع المأزوم…فالحالة أصبحت تعبانة أكثر مما يلزم يا ليلى …؟!