عقود طويلة من الزمن والعلماء يحذرون من المخاطر البيئية الناتجة عن الانبعاثات الغازية التي أدت إلى اتساع ثقب الأوزون وارتفاع حرارة الأرض وذوبان كميات هائلة من الجليد مع ارتفاع منسوب البحار وتزايد في الكوارث البيئية، وعلى الرغم من عقد العديد من القمم المناخية والبيئية وتوقيع الدول الصناعية الكبرى على اتفاق كيوتو واتفاق باريس للمناخ وغيرهما من اتفاقات إلا أن الخطر بقي قائماً بل متزايداً ذلك لأن تلك الاتفاقات والتعهدات والتوصيات بقيت حبراً على ورق، والأسوأ من هذا وذاك أن الرئيس الأمريكي السابق ترامب لم يتنصل من تعهدات أمريكا في مجال الإصحاح البيئي كسابقيه فقط بل انسحب من اتفاقية باريس للمناخ في سابقة خطيرة لتحدي الرغبة الدولية في معالجة مشكلة تعتبر الأخطر على حياة البشر.
لقد تغيرت النظرة الأمريكية لهذا الموضوع (ظاهرياً) بعد قدوم الرئيس الأمريكي بايدن الذي أعلن عودة أمريكا لاتفاق باريس للمناخ وظهر أكثر تحمساً للمشاركة الفعالة في قمة المناخ التي تستضيفها بريطانيا حيث أكدت تصريحاته على ضرورة إيجاد حلول لهذه المشكلة، لكن ذلك قد لا يعني شيئاً إذا لم تتحول تلك التصريحات إلى أفعال.
إن وعي مخاطر المشاكل البيئية والتوقيع على الاتفاقيات والموافقة على التوصيات وإصدار الوعود وإطلاق التصريحات يفقد كل معانيه إذا لم تلتزم الدول بتعهداتها وبشكل خاص الولايات المتحدة الأمريكية التي يمكن في أي لحظة أن تنسحب من الاتفاقيات التي وقعت عليها أو تمتنع عن الإيفاء بتعهداتها.
لقد بات كوكب الأرض وسكانه في خطر محدق نتيجة الكوارث الطبيعية الناتجة عن الاحتباس الحراري والتغيرات المناخية التي أدت إلى حرائق هائلة في الغطاء النباتي وإلى ذوبان الثلوج وارتفاع منسوب المياه (الحالي والمنتظر) في البحار والمحيطات وتجنب هذه المخاطر لا يتحقق من خلال تنفيذ توصيات القمم المناخية والإيفاء بالتعهدات التي قطعها قادة العالم فقط وإنما يحتاج إلى تغيير جذري في سياسات الولايات المتحدة الأمريكية التي لا تزال تطلق التهديدات ضد روسيا والصين وتفرض العقوبات على الدول النامية.
إن التعاون في مجال والتناحر في مجالات أخرى بين أمريكا والدول الكبرى لن يفيد البشرية في شيء لأن مشكلات الدول السياسية والاقتصادية والعسكرية والمناخية باتت مترابطة والتعامل معها بعقلية بائع (المفرق) الذي تنتهجه أمريكا لن يجلب للبشرية إلا المزيد من المشكلات التي يصعب حلها على المدى المنظور.