اقتصادنا الريفي..!

ما يمرّ به اقتصادنا اليوم من أزمات وحالات اختناق في كثير من مقومات معيشة المواطن ليست بالجديدة, بل قديمة متجددة باستمرار, بدليل ما تعرضت له بلدنا في ثمانينيات القرن الماضي من حصار اقتصادي وعقوبات غربية لا تقل قسوة وظلماً عما هي عليه الآن ..!
فالجميع يتذكرها برغم مرور عقود من الزمن, إلا أنها مازالت حاضرة في كل مفاعيلها وتأثيراتها, ولو اختلفت أزمة اليوم عنها في الأدوات والأساليب ..!
وما دفعنا اليوم لاستحضارها الإفادة والاستفادة من دروسها واستخلاص العبر والانطلاق في تطبيقها, والتي تمثلت بمجملها في الاعتماد على الذات في المأكل والملبس وإنتاج ما يمكن إنتاجه في أرضنا ومن شجرنا, وثروتنا الحيوانية وغيرها, وهذا لن يتم إلا بالعودة للنهوض بقطاع الاقتصاد الريفي الذي يشكل الحجر الأساس في تعزيز قدرة الاقتصاد الوطني على البقاء وتحقيق تكامليته..
وبالتالي برغم المعرفة بهذه الأهمية فقد تجاهلت الحكومات السابقة الاهتمام بهذا القطاع وتأمين الدعم المستمر له وتشجيع العمالة الوافدة إلى سوق العمل باتجاه العمل الوظيفي, وحدوث فجوة كبيرة بين العمالة المنتجة, والمتعيشة على حسابها في قطاع الوظيفة, وهذا ما لمسناه اليوم من خلال مفرزات الحرب على سورية وما يعانيه القطاع الإداري من تخمة بالموظفين على حساب الإنتاج وخاصة الوافدين من الجغرافيا الريفية, الأمر الذي يستدعي وجود برنامج تنموي متكامل يحقق التنمية الكاملة والمتوازنة في جميع المجالات الزراعية منها والصحية والتعليمية والخدمية, وصولاً لتحقيق مستوى معيشي أفضل يخفف الأعباء عن مجتمع المدينة ..
وفي رأينا هذا لن يتم إلا بتقديم الدعم الاقتصادي للأسر الريفية, وتقديم الحاجات الأساسية التي تدعم الاستقرار والبقاء ضمن الجغرافيا التي تنعشها مجموعة مشروعات وحالات دعم رئيسة في مقدمتها إنعاش الحالة الاقتصادية للجغرافيا الريفية وتوطين مفهوم العمل المكاني بحيث يتم من خلاله تأمين مقومات داعمة لاقتصاد الأسرة الريفية بكليته, مع الأخذ في الحسبان الاقتصاد القوي نواته اقتصاد أسرة قوي ..!
لكن للأسف الشديد لم نستفد من تجربة ثمانينيات القرن الماضي بالشكل المطلوب والاتجاه نحو التنمية الريفية والاعتماد على الذات, وإن كانت هناك حالات, فهي حالات فردية لا ترقى إلى مستوى الغاية والهدف, وهذا فشل كبير, واقتصادنا لن يرتاح إلا بالعودة إلى الاقتصاد الريفي, فهل تعي الجهات المعنية هذه المسألة وتعيد بوصلتها في هذا الاتجاه ..!؟

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار