لم يعد بإمكان الراتب المضمحل «مصارعة» جنون الأسعار، التي خرجت من نطاق تحكم وزارة «التموين» منذ أعوام، بحيث لم تعد محاولاتها الخجولة قادرة على كبح جماحها، فحال الأسواق تتطلب مبادرات من العيار الشجاع تردع المحتكرين وحيتان السوق وتخفض أسعار السلع الذي بات مطلباً ملحاً على أن ترافقه زيادة رواتب مجزية تضمن تنفس ذوي الدخل المحدود الصعداء بعد سنوات من التقشف الإجباري، في وقت تكبر كروش تجار الأزمة والفاسدين لحظياً على حساب البلاد والعباد.
زيادة حدة التردي المعيشي تؤكدها توالي خروج السلع الأساسية من قائمة الاستهلاك اليومي، ولعل آخرُها الفروج والبيض اللذين يصعب على الأسرة شراؤهما اليوم بعدما كانا يتربعان على موائدها، ما يستغرب حالة العجز الواضح في إيجاد حلول تنقذ قطاع الدواجن المهدد بالانهيار مع إن مسؤولي حكومتنا وسابقاتها أغرقوا هذا القطاع بسيل من الوعود مرفقة بسلف مالية لو صرفت في مكانها الصحيح لكان حاله مختلفاً، لكن للأسف ظل قطاع الدواجن يعاني على عيون «الأشهاد» مع أهل الكار قدموا الوصفات الضرورية لإنقاذه من نكباته المستمرة وعشوائيته المعروفة، من دون التمكن أقله من تنظيمه، وهذا ألف باء معالجة مشاكله والاتجاه نحو قطاع منظم منتج يرفد الخزينة بإيرادات جيدة عبر مد السوق باحتياجاته وتصدير الفائض كأيام العز سابقاً، وليس تحويله إلى قطاع خاسر يستجدي المعونة والمساعدة، التي لم تقدم له حتى الآن بدليل تفاقم وضعه وتركه ينهار تدريجياً، وهنا لا شك في أن المواطن سيدفع الضريبة من صحته وجيبه لكن الاقتصاد المحلي أكبر الخاسرين إن لم توضع حلول عاجلة لاستعادة قطاع الدواجن عافيته وخاصة أنه من أهم القطاعات التي حمت أمننا الغذائي من سموم المستوردين والمهربين، الذين لا يفكرون سوى بمصالحهم حتى لو كان «القربان» انهيار الاقتصاد كله وليس دواجنه فقط.