تُشرعِن الخلل…!
تنهال علينا قرارات وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك بشكل متسارع، فمن رفع سعر المازوت الصناعي إلى رفع سعر مبيع أسطوانة الغاز من خارج البطاقة الإلكترونية إلى غيرها من القرارات التي لم نعد ندري أين ستتوقف وعند أي حدّ ..! صادمة بذلك المواطنين الذين يسمعون تبريرات بأن ذلك لن يؤثر في مخصصاتهم من تلك المواد عبر البطاقة المذكورة.
في قرار الوزارة الأخير المتعلق برفع سعر الغاز من خارج البطاقة الإلكترونية ما يثير الاستغراب بل الذهول لأنه يشرعن وبشكل رسمي الخلل ووجود سوق سوداء للمواد ولأنه يأتي بعد تصريحات متعددة سابقة من رأس هرم الوزارة بأنه سيتم العمل على محاربة تلك السوق ووصف مشغليها باللصوص و الفاسدين الذين سيتم ضربهم بقوة وضبطهم.
وما يثير الاستغراب أكثر أنه تم التبرير مراراً لتأخر وصول رسائل الغاز إلى المواطنين بنقص التوريدات وندرة المادة ليأتي القرار ويؤكد وجود كميات يمكن بيعها بالسعر الحر وبأن ذلك قد يخفف من مدة انتظار الرسالة، إلا أن ذلك للأسف لن ينعكس إلا تأخيراً في مدة الحصول على المادة وفقدانها أساساً، وهنا يمكن التساؤل: إذا كان لدى الوزارة كميات كافية من المادة فلماذا لا يتم تسريع حصول المواطن على مخصصاته منها بالسعر المدعوم بدل انتظاره مدة شهرين أو ثلاثة أشهر ليحصل على أسطوانة تمكنه من طهو الطعام لأولاده.
إن هذا القرار وبعض القرارات الأخرى تنعكس بشكل مباشر وسلبي على معيشة المواطن لأنه يتم وبشكل نظامي أخذ حصته المدعومة لتذهب أمام عينيه إلى من هو أقدر على الدفع من غير المستحقين، فلا يعقل أن ينتظر أرباب الأسر القليلة الدخل وهم الأغلبية العظمى لأشهر حتى يحصلوا على أسطوانتهم «المدعومة» لاستخدامها في ضروريات أساسية وذلك لعدم قدرتهم على مجاراة أسعار «خارج البطاقة» ، بينما يتنعم الأغنياء بكميات إضافية من المادة للرفاهية كالتدفئة مثلاً طوال الشتاء ؟! .
وهنا يمكن القول: إن هذا القرار سينعكس وبشكل سلبي ومباشر على معظم المواطنين وسيلامس لقمة عيشهم ويقسم المجتمع إلى شريحتين، الأولى قادرة على الدفع والتنعم بما تريد من الرفاهية مقابل المال، والثانية وهي العظمى التي لا سبيل أمامها إلا التحسّر على ما أمسى عليه حالها من قلة حيلة وعجز عن تأمين أقل مستلزماتها الأساسية وسط دخول لا تكاد تسد الرمق إلا لأيام ووسط استمرار سوق سوداء يتوافر فيها كل شيء مقابل المال و «على عينك يامواطن» وبمباركة رسمية من الجهات المعنية . فإلى متى سينتظر هؤلاء صدور قرارات ترأف بحالهم وتنعكس إيجاباً على معيشتهم بتوفير عناء الحصول على أبسط ما يحتاجونه وعندها يتيقنون بوجود حماية فعلية للمستهلك؟!