تأملات
1
بينما انشغل معظم الكتّاب ومحبو الأدب بتوقعات من سينال جائزة نوبل للآداب التي ستكرّس اسم هذا الأديب أو ذاك، ولمن ستذهب هل للشعر أم للقصة أم للرواية..، ومن الذي سيصبح في حوزته مبلغ الجائزة، لتمضي فيما بعد إعادة طباعة كتب الفائز أو الفائزة أو ترجمتها، بينما انشغل هؤلاء بذلك كانت فضائية عربية، وبغض النظر عن نوبل وملابساتها، تضرب كل هذا الحضور للأدب ومنتجيه وقيمهم عرض الحائط في إعلانها عن جائزة المليون دولار لمجرد تحقيق حلم أحد المشاهدين وفق ادّعائها، وهو مبلغ يوازي تقريباً قيمة جائزة نوبل سواء في الأدب أو في بقية العلوم. فتأملوا كيف تهدر الأموال العربية من دون أي أثر لها.!
2
وبينما انشغلنا في البكاء والتحسر على غياب مكتبة “نوبل” كمكتبة عريقة من مكتبات دمشق كان أحد المبدعين السوريين يدفع مبلغ 30 ألفاً كرسوم جمركية على خمس عشرة نسخة من كتاب له صدر في دولة عربية، وكانت مبدعة سورية قبله قد دفعت المبلغ ذاته عن حصتها من نسخ كتابها، وهي نسخ شخصية وليست للتجارة. فالكتاب لم يُعفَ إلى الآن من الرسوم الجمركية حتى لو جاءك هدية فكيف الحال مع دور النشر؟ فعلام نبكي إغلاق المكتبات، ولمَ تعامل بعد الجهات المعنية الكتابَ مثل بعض السلع التي تعفى من الجمارك، عند الضرورة. فالكتاب لا يزال منسياً من الحقوق هو وأصحابه في التأليف والنشر والقراءة.!
3
من غير المجدي إصرار بعض المثقفين أو الكتّاب تسليطهم الضوء على كل ما هو سلبي في مناحي حياتنا الثقافية أو الاجتماعية أو السياسية أو العلمية بالمقارنة مع ما يقدمونه من نماذج إيجابية في الغرب، من دون وضعها في سياقات تاريخية توافرت لها موضوعية أنتجتها، وبمعنى آخر؛ من دون المطالبة بالسعي لتوفير تلك الشروط الموضوعية بإرادات هيئات وجماعات ومؤسسات فاعلة، إذ لا نستطيع تطوير العمل الثقافي على سبيل المثال في أي بلد عربي، في منأى عن تطور القطاع المالي الذي يؤمن بضرورة الإنفاق الثقافي، المرتبط أيضاً بتطور النظام الضريبي على رأس المال، فالتغيير في أي منحى من مناحي الحياة ليس تحقيقاً لرغبات فردية، بل هو نتيجة لمجموعة عوامل إن لم تتوافر؛ فلن يتحقق.