في كل دول العالم التعليم المهني له طبيعة خاصة تميزه عن غيره من حيث الأهمية والاهتمام الأفضل, ودوره الإيجابي في حياة الشعوب, لما يحمله من منعكسات اجتماعية واقتصادية على السواء, الأمر الذي يرفع من قيمته الوطنية تجاه العلوم الأخرى التي بالتأكيد لا تقل أهمية عنه, لكن ما يميزه الربط المباشر لمدخلاته ومخرجاته مع الجوانب التطبيقية بصورة مباشرة مع حلقات التطبيق الفعلي, وخاصة في مجال التصنيع والإنتاج, وتحقيق معدلات إنتاجية عالية المستوى ترسم دائماً وأبداً في نتائجها حقائق ملموسة على أرض الواقع, وخاصة في مجال مستويات المعيشة للعاملين في هذا القطاع, والعائدية الاقتصادية ومساهمتها في زيادة الناتج الإجمالي المحلي ..
لكن ما يخصنا نحن لا ينطبق بكليته على واقعنا برغم وجود بعض الاهتمام من جهات محددة, وهذا الاهتمام مازال دون المستوى المطلوب, وخطواته مازالت أقل من خجولة, الأمر الذي يثير الكثير من التساؤلات, إلى جانب أن حسابات البعض المتضاربة فيما بينها لا تسمح بتطوير هذا القطاع وترجمته على أرض الواقع وخاصة في ظل ظروف صعبة نحن في أمس الحاجة لتعليم كهذا..!؟
ولترجمة ذلك لابدّ من وجود برنامج تعليمي واضح يحمل صفة الربط المباشر للتعليم المهني بكل اختصاصاته ومكوناته ومهنه بسوق العمل, والعمل على زيادة الترابط في العلاقة المتبادلة بين مخرجات التعليم, ومواقع العمل, وذلك بالاستناد إلى سياسة واضحة تضعها الجهات الحكومية بالتعاون مع القطاع الخاص تحمل صفة الاستيعاب الكاملة في الجامعات والمعاهد التقنية والفنية في المجالات التي تخدم الاقتصاد الوطني وتحقق عوائد اقتصادية ومنافع مادية للجميع ..
لذلك لابدّ من إيجاد سياسة واضحة يتبناها الجميع جهات حكومية وخاصة تقوم على سياسة تعليم وتدريب مستمرة, يتم من خلالها زيادة الخريجين, ورفد سوق العمل بالكوادر المؤهلة من جميع الاختصاصات, ترعاها جهات محددة أهمها (التعليم العالي والتربية, والصناعة والزراعة والمعاهد التابعة لها, إلى جانب القطاع الخاص المساهم الأكبر في سياسة الاستيعاب والمستهدف بها)..
وحتى نحقق هذه المعادلة لابدّ من تطوير سياسة الاستيعاب الجامعي, والبحث في رصد احتياجات سوق العمل وتأمين حاجتها من الخريجين, من دون نسيان الحالة التي وصل إليها قطاع التعليم بكليته والإنتاج بعموميته جراء الحرب الإرهابية على سورية ..
الأمر الذي يفرض على الجهات المسؤولة مراجعة سريعة ووضع هذا القطاع في مقدمة الأولويات، فهل تفعلها وترسم سياسة تعليم مربوطة مباشرة بسوق العمل أكثر فاعلية من قبل ..!؟