جنوب القوقاز إلى الواجهة من جديد

عشية الذكرى الأولى لتوقيع اتفاق وقف إطلاق النار 9 تشرين الأول 2020 ما بين أذربيجان وأرمينيا برعاية روسية بعد نحو أسبوعين من اندلاع صراع مسلح في إقليم ناغورني قره باغ المتنازع عليه بين الطرفين، أعلنت أنقرة عن مناورات مشتركة مع أذربيجان في إقليم “ناجشقان ” المحاذي للحدود التركية، الأمر الذي رفع منسوب التوتر في منطقة تبدي استعدادها الدائم لارتفاع درجة حرارتها، خصوصا أن العديد من أطراف الصراع، المتجذر في الإقليم سابق الذكر، ما انفكوا ينظرون إلى الاتفاق الموقع شهر تشرين الأول الماضي على أنه مؤقت، أو هو لا يمتلك صفة الديمومة والاستمرارية، قياساً للظروف التي قادت إليه ففرضت عليهم، أي على الأطراف سابقي الذكر، القبول به .

مضت باكو، منذ اندلاع المواجهات في قره باغ أواخر أيلول من العام الماضي نحو رسم سياساتها، وتحالفاتها، انطلاقا من المواقف التي تبنتها الدول الإقليمية تجاه ذلك الصراع، الأمر الذي يمكن لحظه في خياراتها الماضية نحو رفع وتيرة تحالفها مع كل من تركيا وباكستان و”إسرائيل”، حيث عمد الثالوث سابق الذكر إلى تقديم دعم عسكري أو لوجستي مباشر لها في أتون ذلك الصراع، ومن ثم سياسي بعيد انتهائه، هذه التحالفات، إضافة إلى اتفاق 9 تشرين الأول 2020، كانت قد أدت إلى تغير كبير في الخريطة الجيوبولتيكية لمنطقة جنوب القوقاز، والأمر من حيث النتيجة كان قد قاد إلى تغير ملحوظ في موازين القوى القائمة في تلك المنطقة، ثم قاد تاليا نحو محاولات تركية وإسرائيلية لتحقيق مكاسب سياسية انطلاقا من الواقع الجديد المرتسم قبل نحو عام أو يزيد.

أفضى الصراع المسلح، الذي خاض الطرفان الأرميني والأذربيجاني جولته الأولى في قره باغ العام 1994، إلى تمدد إسرائيلي هناك، فقد استغلت تل أبيب انكفاء الغرب عن تقديم أسلحته لباكو آنذاك، لتقوم هي بذلك الدور الذي أرسى لها موطئ قدم ما انفكت تسعى إلى ترسيخه على وقع السخونة القائمة في المنطقة، وفي الغضون مضت نحو إقامة مراكز رصد استخباراتية متقدمة على الأراضي الأذرية، والمؤكد هو أن الهدف الأول لها هو جعلها قاعدة متقدمة في مواجهة طهران، وهو ما نظرت إليه الأخيرة كفعل يتهدد أمنها القومي، وقد كان لافتاً البيان الذي أصدرته الخارجية الإيرانية في 4 تشرين الأول الجاري، والذي حذرت طهران من خلاله باكو من مغبة السماح لـ”طرف ثالث” بالعمل ضد إيران انطلاقا من الأراضي الأذرية، وهو ما يكسب المنطقة سخونة ليست بحاجة للمزيد منها.

توشك منطقة جنوب القوقاز أن تصبح منطقة ملتهبة من جديد، قياساً إلى المعطيات السابقة التي تضيف التدخلات التركية والإسرائيلية إليها عنصراً هو أشبه بصب الزيت على نار لم يبرد رمادها بعد.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار