مكمن العلة

ازدادت حدة الاستقطاب، القائمة أصلاً منذ أمد غير قصير داخل المشهد السياسي العراقي، مما يمكن رصده عبر حالة “التشاد” الحاصلة ما بين القوى والتيارات السياسية المكونة للنسيج العراقي منذ الإعلان عن إجراء الانتخابات النيابية الأخيرة، والفعل، الذي نقصد به هنا حدة الاستقطاب، كان قد حدث بفعل الإعلان عن إجراء انتخابات نيابية مبكرة اليوم الأحد.

سادت في الفترة السابقة لهذا اليوم الأخير مناخات هي أقرب للاقتتال السياسي، ففي حين ذهب البعض إلى توجيه التهم للبعض الآخر باستخدام المال السياسي للتأثير في نتائج الانتخابات المقبلة، فإن البعض الآخر ذهب نحو توجيه التهم التي يصل بعضها للتخوين للبعض الآخر، الأمر الذي أدى إلى تكريس حال الانقسام الحاصل منذ اعتماد نظام المحاصصة الطائفية كوسيلة لإرساء توازنات قادرة على إدارة البلاد.

من شأن هكذا مسارات التي تتضمن المرور بكل هذه الاختناقات، التي نقصد بها هنا الاستقطاب ثم الاستقطاب الحاد، مروراً بتراشق التهم، ثم وصولاً إلى الاستعانة بنظام المحاصصة، من شأن ذلك كله أن يؤدي إلى بروز ندبات لن تزول، بوقت قصير، من على السطح السياسي العراقي الذي تتحدد معالمه تبعاً لتلك المسارات سابقة الذكر، وبازديادها، أي بازدياد تلك التحديات، سوف تصبح علامة فارقة لذاك السطح.

كخلاصة نقول إن الحياة السياسية في العراق ما بعد الغزو الأمريكي لهذا الأخير العام 2003 ازدادت تعقيداً عما سبق هذا الحدث الأخير، والفعل، أي ازدياد التعقيد في الحياة السياسية، كان نتاجاً طبيعياً لدستور بول بريمر، الحاكم المدني الأمريكي للعراق 2003-2004، الذي أقر في هذا العام الأخير، وهو من حيث المنهجية كان قد أفضى إلى إرساء  “محاصصة المكونات” التي عنت قيام تحاصص طائفي يطول كل نواحي الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية للعراق والعراقيين على حد سواء، والمؤكد الآن، بعد مرور سبعة عشر عاماً على إقرار دستور بريمر، هو أن المنهجية التي اعتمدها هذا الأخير تمثل مكمن العلة، والعائق الأكبر أمام استعادة الحياة السياسية في العراق لطبيعتها، وكذا لنهوض عراقي مأمول.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار