ثمة مسألة في غاية الأهمية لم تحظَ بالاهتمام المطلوب سواء على المستوى الحكومي أم على مستوى الفعاليات الاقتصادية والصناعية الخاصة, برغم العديد من المحاولات خلال السنوات الماضية, إلا أن هذه كانت محاولات خجولة لم ترقَ إلى مستوى أهميتها الاقتصادية والخدمية, وهذه المسألة تكمن في تطوير عمل الحاضنات الصناعية التي تسعى في مفهومها الخاص إلى توفير فرص ذهنية للنجاح أمام رواد الأعمال من الشباب, وتقديم المشورة الفنية والإدارية والمالية, إلى جانب مهم يتعلق بتوفير بيئة أعمال مناسبة لنمو الأعمال الجديدة, وتحقيق مبدأ التنمية الاجتماعية من خلال التنمية الاقتصادية لكل أفراد المجتمع.
وتالياً إذا كان ما ذكرناه يشكل القليل من أهدافها, فكيف الحال إذا عرفنا انعكاسها الاقتصادي الكبير على قطاع الأعمال المتنوع, وخاصة قطاع المشروعات الصغيرة والمتناهية في الصغر, والتي تعد الحاضنات الصناعية هي الوظيفة الأولى والمساهم الأكبر لنجاحها من خلال توفير مقومات الدعم المالي والتسويقي ورعاية المشروعات وتسهيل بدء العمل وخاصة في المراحل الأولى للإقلاع, والتي يتم فيها التوصل إلى شبكة دعم مجتمعي تحدد هوية النجاح المفترضة للحاضنات في رسم خريطة دعم مستمرة للمشروعات الصغيرة تسهم في عائديتها زيادة المردودية الاقتصادية على مستوى الاقتصاد الكلي, وليس على مستوى الأفراد أو أصحاب المشروعات من جهة, أو حاضنات الأعمال من جهة أخرى.
لكن للأسف حتى هذا التاريخ لم نلمس نتائج كهذه, ولا حتى حاضنات صناعية تشغل هذا الدور بالشكل المطلوب, إلا ضمن خطوات خجولة ترعاها بعض الفعاليات الصناعية والأهلية, لم ترقَ في نتائجها إلى مستوى الهدف والغاية المنشودة.
وفي رأينا حتى نصل لنتائج أفضل لابدّ من توافر مجموعة من العوامل تشكل الأرضية الصحيحة لممارسة دورها الذي يقتضي بالضرورة دعم المشروعات الصغيرة في مقدمتها: توفير مصادر التمويل المالي المطلوب, وتأمين الكفاءات القادرة على إدارة الحاضنات وربطها ببعضها, والأهم تأمين عوامل الربط بين الحاضنة والمجتمع المستهدف, وتوفير خدمات البنية التحتية التي تسهم في تطوير العمل وانسجامه مع النتائج المرجوة للحاضنة.
والأهم في العوامل الواجب توافرها تكمن في ربط الحاضنة ومشروعاتها في الشركات والمؤسسات الاقتصادية الضخمة , وانسجام كل ذلك مع السياسة العامة للدولة في دعم المشروعات الصغيرة.
والسؤال المهم: هل نمتلك مقومات نجاح مكون الحاضنات الصناعية وتسخيرها لخدمة الاقتصاد والمجتمع على السواء, أم ستبقى من منسيات الأيام الماضية ..!؟