بكين: نحن في المسار الصحيح
قيمت بكين مؤخراً، بعد ثماني سنوات على إطلاق مشروع “الحزام والطريق”، المسار الذي أرساه هذا الأخير خلال تلك المدة المنصرمة، جاء ذلك في تقرير بعنوان “جهود الصين وإنجازاتها في تعزيز الرخاء المشترك وسط تنمية عالية الجودة ” كان قد نشر في 30 أيلول الفائت في عدد خاص لمجلة china insight التي يصدرها المكتب الصحفي للحزب الشيوعي الصيني.
يرصد التقرير الكثير من الأرقام التي من شأنها إرساء صورة إيجابية للنتائج التي أفضى إليها ذلك المشروع الأسطوري الذي تأمل بكين من خلاله إلى ربط أربع مليارات من البشر على امتداد قارات أربع، والفعل من حيث النتيجة يهدف إلى رفع مستوى الحياة المعيشي لشرائح واسعة داخل ذلك التكتل البشري العملاق، حيث للفكرة هنا أن تعتد بنجاح نظيرة لها كانت الصين قد خاضتها ما بين عامي 2015-2020 وقد استطاعت من خلالها انتشال ما يقرب من 100 مليون صيني من تحت خط الفقر.
أهم ما جاء في التقرير هو رصده لظاهرة تبدو حاسمة، فهو يقول: إن التدفق (أي تدفق الأموال) لم يتسبب في حدوث أي أزمة ديون في البلدان المضيفة، ثم أضاف: عندما تكون الدول المشاركة غير قادرة على سداد الديون للوكالات الصينية يتم البحث عن طرق لحلها من خلال المشاورات، ثم يرصد ظاهرة لا تقل أهميتها عن سابقتها، وهي تتمثل في أن وباء كورونا لم يؤد إلى تراجع الاستثمار الأجنبي في الصين، بل إن هذا الأخير زاد عن سابقه قبل الوباء كما يذكر التقرير، وكلا الظاهرتين لها مدلولات مهمة يمكن أن تغري الباحثين في علوم الاقتصاد، لكن من المؤكد أنهما، أي الظاهرتان، تغريان في التحليل السياسي لدرجة القول إن التجربة الصينية الفريدة باتت تغري بلداناً عديدة على اتساع هذا العالم، وفعل الإغراء يبدو أنه في بداياته والعديد من المؤشرات تؤكد أنه ماض في الإنسان، ولم لا؟ فالصين بلد ابتنى حضارته من دون أن يقوم بغزو أي بلد من بلدان هذا العالم، بل لم يمارس سياسة الترهيب لتسويق بضائعه، أو حتى تسويق الأيديولوجيا التي يتبناها نظامه السياسي، ومن المؤكد اليوم هو أن الصين تمثل إحدى آمال الإنسانية في تصور مستقبل مختلف عن ذلك الذي ترسمه الليبرالية الأمريكية المتوحشة.