أندية الهواة !
يتساءل بعض المثقفين في جلساتهم الخاصة: لماذا يغيب عن هذا النادي الفني أو ذاك – برغم قدم تأسيسه وعراقته – بعض الوجوه الفنية المميزة سواء في العزف على بعض الآلات الموسيقية أو في الغناء؟ وهو سؤال حق، وبخاصة إنْ تناول أندية فنية عريقة كأندية مدينة حمص، وهو سؤال ينطلق من غيرةٍ ومحبة، لا من انتقاص من قدرات الوجوه الموجودة ضمن عضوية تلك الأندية، والتميز يقصد به أن يكون صاحب أعمال خاصة سواء في التلحين أو الغناء، ويمكن أن يجذب حضوراً واسعاً لحفلات النادي، ويرى بعضهم إن وجد صاحب هذا الصوت أو ذاك لا توجد فرقة يكون أغلب أعضائها من المتمكنين بالعزف تساعده على تقديم أعمال أسماء إبداعية صارت علامات فارقة في تاريخنا الموسيقي، كي يساعده ذلك على تقديم تلك الأعمال بنكهته الخاصة وليس أداءّ تراثياً كما قدمت من قبل أصحابها الأساسيين، أو تقديم أعمال خاصة بأصواتها وقدراتها هي.
في زعمنا المسألة مادية بحتة، لأن الأقدمين من الشباب الذين توافرت لهم فرص العمل في دمشق أو السفر خارج البلد توجهوا إلى أماكن رزقهم وفرص نجاحاتهم، ولذلك تجد أن أغلب الفرق لم يبقَ منها سوى الذين لم تضحك لهم الفرص والتي ربما بعضهم لم يسعَ إليها، مع إننا لا نعدم العناصر المتميزة برغم قلّة عددهم إلاّ أنهم أصبحوا كباراً في السن، ولهذا للغياب وجه آخر مضاعف، من العناصر المسرحية تمثيلاً وإخراجاً، فما تشكو منه هذه الأندية تشكو منه فرق المسرح المكونة من الهواة، وهي الفرق التي لا تجعل المسرح مصدراً لرزقها، ولذلك تجد أغلب عناصرها تغيب لأكثر من سبب، إذ يصبح بعض عناصرها في المرحلة الجامعية، ولا تغيب عنا الإشارة إلى أن الكثيرين منهم من درس وتخرج في المعهد العالي للفنون المسرحية، كما فعل بعض العازفين الموسيقيين ودرسوا في المعهد العالي للموسيقا، وصاروا من الأسماء اللامعة في مشهد الدراما التلفزيونية والسينمائية والمسرحية التي تنتج في دمشق، أو في الفرق الموسيقية التي تتصدر المشهد الموسيقي، والظروف التي تحكم الموسيقيين تحكم المسرحيين، وهي ظروف قائمة منذ أكثر من أربعين عاماً أو يزيد. وهي تحكم كل فرق الهواة باستثناء «فرقة المسرح العمالي» في حمص التي غادرها بعض الممثلين وصاروا نجوماً لكنها ظلت تمارس نشاطها ببقية عناصرها مع تطعيمها بعناصر شبابية حتى نهاية عام 2010 برغم أن تأسيسها كان عام 1973 بإدارة المسرحي فرحان بلبل الذي كان أحد المؤسسين لها.