حقيقة بكل جوانبها أحلى ما فيها أشدُّ من المرِّ , لأن جوهرها واحد مهما تعددت الشخصيات ومواقع المسؤولية وأسلوب إدارتها لمفاصل العمل الحكومي, فالحقيقة أحاديث المسؤولين دائماً تغلّفها لغة العموميات (وللأمانة كتبنا عن ذلك مرات ومرات سابقة) في أي قضية تمس المواطن, والابتعاد دائماً عن الجوهر بما يخدم طبيعة هذه اللغة, وهذا ما يثير استغرابنا وعجبنا وخاصة نحن في ظروف أشدّ ما نكون فيها متصالحين ومتصارحين مع المواطن لأنه بوصلة العمل الحكومي ..!؟
ولكن (للأسف) ثمة دوامة لم نستطع الخروج منها تكمن في «لغة العموميات» تكسوها عبارات التنظير ولعبة الروتين والمراسلات الورقية اليومية التي يختبئ خلفها معظم جهازنا الإداري بداعي الخوف من المسؤولية وتداعياتها على مصالحهم الشخصية وحسابات المنفعة.!؟
وهذا بدوره يضعنا أمام مفارقات عجيبة, وحقائق لا ترقى إلى مستوى حجم المسؤولية في التعاطي مع هموم المواطن ومعالجتها , منها عدم فهم ممارسة الصلاحية بحدود المسؤولية وهرمها الإداري, واحترام تراتبية العمل, وفرض أخلاق المهنة التي تؤهِّلنا لتحمل أعباء المسؤولية, ونبتعد من خلالها عن المصلحة الشخصية التي تعكس سلبيتها واقعاً ضعيفاً ومتردياً على واقع الإنتاج والإنتاجية , وظهور الأنا المتسلطة في معظم مفاصل العمل والتي مازالت عنواناً للممارسة اليومية لدى بعض الإدارات وخاصة في القطاع الإنتاجي والخدمي, وأقلها في القطاع الإداري, إلا أن الصورة تأخذ صفة الشمولية ما يعكس الحالة السلبية على مستوى الأداء الكلي ..!
مع «أسفنا الشديد» الحرب على سورية كانت أرضاً خصبة لنمو إدارات كهذه, رافقها بطء شديد في معالجة مشاكل ومعوقات القطاع العام , وتلبية الاحتياجات الأساسية, والأخطر أن الأقنعة لم تتغير مع تغيير بعض الإدارات في مفاصل مختلفة في الوزارات والمؤسسات, بل كثرت الورقيات وما تحمله من حالات الاختباء والهروب من المسؤولية, ما شكل حالة ضغط يومية على القطاعات المنتجة بصورة مباشرة , وعلى المواطن لاحقاً لأنه الغاية والهدف من كل ذلك, وحتى هذه لم تتحقق بدليل ما يحدث في الأسواق من نقص في المواد وندرة الأساسيات وارتفاع الأسعار وسقوط إجراءاتها في حسابات الأنا والمصالح الشخصية .!؟
كل ذلك يثير القلق والخوف لدى المواطن الذي أصبح يدرك كل شيء, لكن سؤالاً على لسان الجميع: هل ما تسعى إليه وزارة التنمية في مشروعها الإداري ينهي هذه المهزلة, أم يزيد الطين بلة..!؟
الجواب: في مجهول الأيام القادمة..!