روسيا تعزز جبهتها الداخلية
أظهرت نتائج الانتخابات التي جرت مؤخراً في روسيا الاتحادية، ولمدة ثلاثة أيام بدأت في التاسع عشر من شهر أيلول الجاري، أن حزب “روسيا اليوم” الحاكم فاز بما يقرب من 50 % من عدد المقاعد البرلمانية في مجلس الدوما، ففي اليوم التالي لبدء عملية الانتخاب قال الأمين العام للحزب الحاكم أندريه تورتشاك: إن “الحزب سيحصل، وفق النتائج الأولية، على 315 من أصل 450 مقعداً، وسيحظى بالأغلبية اللازمة لتعديل الدستور من دون الحاجة إلى دعم تشكيلات الأحزاب الأخرى”.
خاض الانتخابات 14حزباً يمثلون جل القوى السياسية الفاعلة على الساحة الروسية، وقد بلغت نسبة المشاركة في تلك الانتخابات حوالي 45 % ممن يحق لهم المشاركة في عملية الاقتراع، وعلى الرغم من أن المؤشرين كانا قد سجلا انخفاضاً عن نظيريهما في الانتخابات السابقة الحاصلة في العام 2016, إلا أن الانخفاض هنا عائد، كما يبدو، لاعتبارات لا علاقة لها بتغير المزاج السياسي في البلاد، أو العزوف عن المشاركة كتعبير عن الرفض للتوجهات الراهنة، ولربما كان السبب الأرجح لذلك الفعل، الذي جاء بحجم انخفاض يقرب من 8 %، يعود بالدرجة الأولى لتداعيات جائحة كورونا ثقيلة الوطأة.
أهم ما أفرزته تلك الانتخابات هو أن الحزب الحاكم أكد تفوقه بما يكفي لقيادة التحولات التي ستكون البلاد على موعد معها بعد أشهر قليلة في ضوء نتائج الانتخابات الأخيرة والتي لم تترك أثراً يذكر على موازين القوى الداخلية القائم، ولا على الخريطة السياسية التي رسمتها الانتخابات السابقة قبل نحو خمس سنوات، لكن الدلالة الأهم لتلك النتائج، التي نقصد بها نتائج انتخابات أيلول 2021, هو سقوط الرهان الغربي على تشويه سمعة القيادة الروسية الراهنة، وكذا سقوط الرهان على تقويض استقرار الاتحاد الروسي الماضي نحو تعزيز جبهته الداخلية كوسيلة لا غنى عنها لمواجهة التحديات الخارجية، ومن المؤكد الآن أن تلك النتائج تمثل مؤشراً مهماً على دخول روسيا مرحلة من الاستقرار السياسي ستتزامن بفعل نظير لها بالضرورة على المستويين الاقتصادي والاجتماعي، بما يعزز، ويقوي، من نزعة النهوض الروسي البادئة مع القيادة الروسية الراهنة، والرامية لاستعادة روسيا لدورها وثقلها العالميين.