شكل ما يسمى “قانون قيصر” الذي أقره مجلس الشيوخ الأمريكي في كانون الأول من العام 2019، ثم أصبح نافذاً، بعد أن وقعه الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، في حزيران من العام 2020، نموذجاً تعسفياً أحادياً في العلاقات الدولية، يضاف إلى نماذج شبيهة سابقة كانت قد اعتمدتها الولايات المتحدة في هذا السياق، وهو يقوم على استخدام الحصار الاقتصادي كوسيلة لابتزاز الدول والشعوب، إما لتحقيق مكاسب ما، وإما للحصول على تنازلات من النوع الخادم لمصالح الطرف الساعي إلى فرض تلك العقوبات.
كان الإعلان عن وصول ناقلة النفط الإيرانية إلى ميناء بانياس على الساحل السوري يوم الأحد الماضي 12 أيلول، وما تلاه من الإعلان عن تفريغ حمولتها والانطلاق بها نحو الأراضي اللبنانية، يمثل خرقاً في جدارات “قيصر” من النوع الذي يؤسس لخروقات أخرى، بل من الممكن له أن يضع اللبنات الأولى لمرحلة جديدة من التعاون بين البلدين، يمكن من خلالها جني مكاسب سياسية واقتصادية لكليهما على حد سواء.
وكلا الفعلين، الحاصل وذاك الذي يؤسس له، يمكن لهما أن يعيدا إحياء معادلة دمشق- بيروت القائمة على امتداد عقدي الثمانينيات والتسعينيات من القرن الماضي، وهي من دون شك ساهمت في إنضاج مراحل مهمة من عيار محطة 25 أيار 2000 التي شهدت تحرير الجنوب اللبناني، وكذلك محطة تموز 2006 التي سجلت انكفاء للمشروع الإسرائيلي برمته.
هذه المعادلة اليوم قابلة للإحياء، وظروفها الذاتية والموضوعية ناضجة، فيما التحديات التي تواجهها لا تمثل عوائق حقيقية قادرة على منع قيامها، خصوصاً إذا ما توفرت الإرادة التي تشير العديد من المؤشرات القائمة عند قيادتي البلدين إلى توفرها، وعندها سيكون “قيصر” على مواعيد جديدة من “النحر” الكفيل بتحرير القيود التي راكمها، والتي شكلت عائقاً أمام التلاقيات اللازمة لاستعادة النهوض من جديد.