قد تشي القراءة الأولية للقمة السورية- الروسية المنعقدة في موسكو يوم الثلاثاء الماضي بأنها لا تخرج عن السياقات المعتادة التي يحملها لقاء زعيمين متحالفين على صعد مختلفة، ولربما جاءت التصريحات التي صدرت في أعقاب تلك القمة لتشي هي الأخرى بأن القمة تأتي في السياق عينه الذي جرت فيه كل القمم السابقة، فهي، أي تلك التصريحات، لم تخرج عن المعتاد سواء أكان ذلك في رغبة الطرفين بزيادة التعاون القائم بين البلدين، أم كان في تأكيدهما مواصلة الحرب على الإرهاب الذي اجتاح المنطقة، حتى برزت مخاطر حقيقة تهدد بإمكان توسعة دائرة النار إذا ما تعثرت وسائل المعالجة، أو خرجت الأمور عن سيطرة من يدير الدفة في الخارج.
لكن القمة، وفق العديد من المعطيات، كانت استثنائية، فدمشق المسكونة بهدف استعادة سيادتها على كامل أراضيها، والفعل له بالتأكيد بعدان أحدهما داخلي والآخر خارجي، ما انفكت تبحث في إنضاج المعادلات التي يمكن عبرها تحقيق ذلك الهدف، ومن الراجح هنا أن ثمة شيء كان قد لاح في الأفق مؤخراً، فيما يخص المناطق الواقعة خارج سيطرة الدولة السورية، عشية القمة فأدى إلى انعقادها، وفعل الترجيح هنا تؤكده إشارة الرئيس فلاديمير بوتين حين قال: “المشكلة الرئيسية في سورية اليوم بتواجد قوات مسلحة أجنبية من دون قرار من الأمم المتحدة، ومن دون موافقتكم”، وهذا يعني ضمناً إشارة إلى تلك المعادلات الحاكمة والمؤدية إلى تعقيد المشهد السوري في شماله وشماله الشرقي، والاستثنائية أيضاً تتأتى من التوقيت الذي حصلت فيه والذي جاء في أعقاب التعاون السوري- الروسي الحاصل في درعا مؤخراً والذي أدى من حيث النتيجة إلى بسط الجيش العربي السوري سلطته على أحياء درعا البلد والمخيم بعيد تصعيد الجماعات المسلحة هناك منذ نحو شهرين أو يزيد، وكذلك عشية لقاء روسي- أمريكي مرتقب، والعديد من المؤشرات تدل على أن تقارباً روسياً- أمريكياً كان قد حصل ما بعد صدور القرار 2585 شهر تموز المنصرم بدرجة غير مسبوقة منذ بدء الحرب الإرهابية على سورية ربيع العام 2011، وأهم ما فيه، أي في ذلك التقارب، هو طبعته التي بان عليها مؤخراً، وعبر ألوانها فإن من المرجح أن يسجل ذلك اللقاء تقارباً أوسع لكن على قاعدة انزياح في الرؤية الأمريكية نحو نظيرتها الروسية فيما يخص المسألة السورية.