«مشايلة»

إنّ الإجراءات المتخذة مؤخراً في عمليات البيوع العقارية وغيرها كان لها أثر سلبي كبير على عمليات البيع والشراء، وزاد الكثير من التعقيدات والعمليات الروتينية المعقدة أصلاً، وزادت من التكاليف والأعباء على المواطن «المعتر» أصلاً والذي لم يخرج بعد من الآثار الاقتصادية والنفسية والاجتماعية للحرب المدمرة على سورية، ولست هنا بصدد انتقاد قانون البيوع «معاذ الله» فلست محللاً اقتصادياً أو قانونياً لـ«فصفصة القانون» وتقييمه، لكن هناك بعض الملاحظات لا بدّ من ذكرها.
فأحياناً قيمة مبيع عقار لا تساوي المبلغ المفروض إيداعه بالبنك، وهو الشرط الأساسي للبيع، فمثلاً أرض زراعية مساحتها عشرات الأمتار المربعة قيمتها 700 ألف ليرة، المفروض على صاحب الأرض إيداع 5 ملايين ليرة، فلو كان لديه هذا المبلغ لما اضطر لبيع أرضه لسد حاجياته ونفقات تعليم أولاده بالمدارس أو الجامعة، والمشكلة الأكبر أنه يتم حجز 500 ألف ليرة من المبلغ ولا يمكن التصرف بها لمدة ثلاثة أشهر.
أيضاً السيارة القديمة «المهرهرة» وعمرها عشرات السنين تعامل نفس معاملة السيارة الفخمة والفارهة «بنت سنتها»، وحتى الدراجات النارية كبيرة كانت أم صغيرة لبيعها بشكل قانوني يجب إيداع مبلغ خمسة ملايين، والكثير من أصحاب هذه الدراجات بالكاد يملكون قوت يومهم، والمفارقة المضحكة والمؤلمة في الوقت نفسه أن قيمة الإيداع تتجاوز سعر الدراجة بعدة أضعاف من سعر الدراجة أصلاً.
أيضاً تعامل العقارات الموجودة في المناطق البعيدة والنائية معاملة العقارات الموجودة في المدن داخل التنظيم، فبيع غرفة في رأس جبل يعامل معاملة أفخم منزل في مركز المدينة …!!!! وتالياً هناك تناقض كبير يجب أخذه في الحسبان والإيداع بالبنك يجب أن يكون بقيمٍ نسبية من قيمة العقار أو الآلية وليس خمسة ملايين «مشايلة».
وإذا أرادت أمٌّ مثلاً أن تتنازل لابنها عن سيارة موروثة يجب أيضاً إيداع 5 ملايين، فالمواصلات ألغت عملية الهبة من معاملاتها.
أيضاً هناك ظلم واضح في تكاليف عقود الايجار، حيث تصل إلى 80 ألفاً للمنزل، و150 ألفاً للمخزن، وتعامل الأرياف معاملة المدن ، كما أن تحديد القيم الرائجة ظلمت الكثير من العقارات بالقيم التخمينية وساوت بين المدينة والريف، وهذا كله أدى إلى تدني مستوى العمل والمبيعات إلى أكثر من 30 % حسب بعض تجار العقارات.
كما أن فرض تحويل الأموال عن طريق البنوك قد يكون جيداً، لكن عدم السماح بسحب تلك الأموال إلا بالقطارة فيه الكثير من الإجحاف وتعطيل أعمال الناس.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار